عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

ومحبا بمحبته وساخطا بمناهيه وتابعا لاوامره، ولا سبيل الى تلقي ذلك الا من جهة سيدنا محمد عليه السلام، وكذا ابراء المرضى من مرضهم الظاهري الذي يكون في ظاهر الجسد وباطنه كما سيذكر ان شاء الله تعالى. ثم ان ½كم¼ هاهنا خبرية لان قائلها مخبر، ومدخولها خبر بخلاف الاستفهامية لانها بالعكس، فظهر ضعف قول من قال: انها استفهامية، فالمعنى: كثيرا ما ابرات، وهو من الابراء بمعنى الازاحة والازالة، و½وصبا¼ يروى بفتح الصاد وكسرها، فعلى الاول: يكون بمعنى المرض مطلقا، فالمعنى كثيرا ما ابرات راحته امراض المرضى، وعلى الثاني: يكون بمعنى صاحب المرض فحينئذ يكون المعنى كثيرا ما ابرات صواحب المرض من امراضهم، والباء في ½باللمس¼ سببية متعلقة بـ½ابرات¼، و½راحته¼ بالرفع فاعل ½ابرات¼، والضمير له عليه السلام، و½الراحة¼ بمعنى داخل الكف. فحاصل المعنى: كثيرا ما كان المرضى بريئين من مرضهم بسبب راحته المباركة الشافية. ثم اعلم! انه يجوز ان يكون المراد من اللمس اللمس الحقيقي كما ثبت فيما روي ان ابا جهل قطع يوم بدر يد معوذ بن عفراء، فجاء يحمل يده، فاخذها رسول الله عليه السلام والصقها، فلصقت كالاول، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: جاءت امراة بابن لها به جنون، فمسح عليه السلام صدره، فقال: اخرج، فخرج من جوفه مثل الجر والاسود فشفى، وايضا تفل في عين عَلِيٍّ وكان قد رمد رمدا شديدا، فاصبح بارئا، ومثل ذلك كثير وفير ولا يلزم علينا ذكر جميع ما ورد في الخبر الشهير. ويجوز ان يكون المراد من ½اليد¼ المستفادة من الراحة ذاته عليه السلام وباللمس لمسه المعنوي، وهو كونه وسيلة الى دواء المرضى وكونه لهم شفاء كما كان دواء لداء اهل الشفاء، وهذا غير مخصوص بزمانه عليه الصلاة والسلام، بل هو باق الى يوم القيامة لانه لو ربط احد قلبه به عليه الصلاة والسلام وصلى عليه ودعا لله ان يجعله وسيلة له لكان البتة باذن الله تعالى لدائه دواء، وقد وقع مثله من اكابر العلماء والاولياء قال في "المواهب": نقل عن القشيري ان ولده مرض مرضا شديدا حتى اشرف على الموت، واشتد عليه الامر قال: فرايت رسول الله عليه السلام في المنام، فشكوت اليه ما بولدي فقال: اين انت من ايات الشفاء؟ فانتهبت فتفكرت فيها فاذا هي في ستة مواضع من كتاب الله تعالى: ﴿ وَيَشۡفِ صُدور قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ﴾ [التوبة: ١٤]، ﴿ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدور ﴾ [يونس: ٥٧]،


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310