لئن كنت قد بلِّغْت عنِّي جنايةً لَمُبلغُك الواشِي اغَشُّ واظلمُ
وقال اخر:
قالوا الوشاة قد ادعى بك نسبةً احزنت لما قلت قد صدقته
وقوله: ½ولا دائي¼ عطف على ½لا سري¼، واعادة حرف النفي للتاكيد، والداء: المرض مضاف الى ياء المتكلم ½والمنحسم¼ اسم فاعل من الانحسام بمعنى الانقطاع اي: ولا مرضي بمنقطع بالوصول الى المحبوب، ويمكن ان يرتب فيه قياس تقريره هكذا: دائي ليس بمنحسم لانّ دائي لو كان منحسما لوجد له الاطباء ولو وجد له الاطباء لوجد وصلة الاحباء ينتج انه لو كان دائي منحسما لوجد له وصلة الاحباء لكن التالي باطل والمقدم مثله، فثبت نقيضه اعني: ان دائي ليس بمنحسم.
فحاصل معنى البيت: يا لائمي انّي رجوت الاعتذار منك كثيرا فما قبلت، وما تركت الملامة، فانا ارجو الله تعالى ان يبتليك مثل ابتلائي فكانّ السائل سال عن ابتلائه بانّه كيف الحال في ابتلائك؟ فقال: كنت ملابسا بحال لم يكن سري بمستري عن الغمازين بين المحب والمحبوب لانّه سلب عني الاختيار، وكان سري مكشوفا بالاضطرار؛ اذ ورد عن الكُمَّل والكبار العشق هتك الاستار وكشف الاسرار، وكان ايضا مرضي اعني العشق للنبي المختار غير منقطع عني في كل ليل ونهار، ولا ينفعني البعد عنه والفرار الا الوصلة الى جنابه الذي كَلَّمه الاحجار والاشجار والى جماله الذي طلعت منه الانوار.
١١ مَحضْتنِي النُصْح لَكِنْ لَّسْت اسْمَعُهُ انَّ الْمُحب عَنِ الْعُذالِ فِيْ صَمَمِ
ولمّا فهم الناظم الفاهم ان لوم اللائم وان كان لوما له صورة لانّه حمل عشقه على المجازي، وقال: انّ عشقك لفلان بن فلان لا للنبي ولا للرحمن لكنّه في الحقيقة نصح له بانّ العشق المجازي ليس كما ينبغي لانّه تضييع الاوقات فيما لا يعني وبذل النفس فيما لا يُسْمِنُ ولا يغني، فقال هضما لنفسه وانكارا لحبه الحقيقي احترازا عن العجب الذي هو اعظم الذنوب وافخمها ولذا قال عليه الصلاة والسلام: لو لم تذنبوا