عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٣١   شَاكَِي السِّلاح لَهُمْ سِيْمَا تمَيِّزهُمْ         وَالْوَرد يَمْتاز بالسِّيْمَا مِنْ السَّلَمِ

 

لَمَّا بين الاوصاف اللطيفة للاصحاب التي هم بها يمتازون عن المشركين واهل الكتاب اراد ان يبين ايضا كونهم ممتازين بذواتهم وسيماهم ما عدا الثياب فقال: ½شاكي السلاح... الخ¼، ½شاكي السلاح¼ امّا صفة لـلمُصدري او حال منه، و½شاكي¼ مقلوب ½شائك¼ اي: تام السلاح، كما في قوله:

لَدى اسَد شاكي السِّلاح مُقَذفٍ       لَهُ لِبد اظْفَارهُ لَمْ تقَلَّمِ

وهو جمع شاكي اصله شاكين حذف نونه بالاضافة، وتوهم احتمال كونه مفردا لا يصدر عن عاقل فضلا عن فاضل كما لايخفى. ثم ان قوله: ½شاكي السلاح¼ اجمال بعد تفصيل. و½لهم¼ ظرف مستقر خبر مقدم: و½سيما¼ مبتدا، والجملة صفة بعد صفة للمصدري او حال منه، وتقديم ما حقه التاخير يفيد الحصر. و½السيما¼ بمعنى العلامة التي تكون في وجه الانسان ليستدل بها على بعض احواله وجملة ½تميزهم¼ صفة لـ½سيما¼ و½تميز¼ بمعنى تفرق، وضميره المستتر راجع الى السيما، والسيما مؤنث بالالف المقصورة، وضمير المفعول راجع الى الاصحاب اي: للاصحاب سيما تفرقهم عن الكفار. وقوله: ½والورد¼ جواب سؤال مقدر كانه قيل يمتاز بالسيما شيئان كانا من جنس واحد لان الاصحاب والعدى كلهم من بني ادم فاجاب عنه مع تشبيه لطيف بهذا المقال، و½الورد¼ بفتح الواو ثمر شجر معلوم يقال له بالعربي ايضا حوجم. و½السلم¼ بفتحتين شجر يشبه شجر الورد، وشجر الورد يمتاز عنه بحسن الخلقة وبهاء المنظر فالورد مجاز بمعنى الشجر او الورد على حقيقته والسلم مجاز بمعنى زهر السلم تدبر.

وحاصل معنى البيت: ان اصحاب رسول الله كانوا تامي الاسلحة ممتازين من الكفار واهل الشقاء بالاوصاف اللطيفة وحسن السيما لانهم اشداء على الكفار رحماء بينهم بالتواضع والانكسار كما انه يمتاز شجر الورد من شجر السلم وزهر الورد من نورة السلم وقد ورد في حق الاصحاب ﴿ سِيمَاهُمۡ
فِي وُجوهِهِم مِّنۡ اثر ٱلسُّجودۚ
﴾ [الفتح: ٢٩] فهم ثمار اشجار حدائق الوجود وازاهير رياض عسكر الاسلام والجنود.

 

 

 

 


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310