عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

٦٩      حتٰى غَدا عَنْ طَريْقِ الْوَحيِ مُنْهَزمٌ        مِنَ الشَّيَاطِيْنِ يَقْفُوْا اثر مُنْهَزمِ

 

لَمَّا بين في البيت السابق انقضاض الشهب اراد ان يفصله وبين فائدة انقضاضها فقال: ½حتى غدا¼، و½حتى¼ لانتهاء الغاية، و½غدا¼ بمعنى اعرض؛ لانه استعمل بـ½عن¼، و½غدا¼ اذا استعمل بـ½عن¼ يكون بمعنى الاعراض كصار وذهب ورغب، و½طريق الوحي¼ كناية عن السماء؛ لان جبرائيل كان يجيء بالوحي منها و½منهزم¼ بالرفع فاعل ½غدا¼ وهو اسم فاعل من الانهزام بمعنى الفرار من العدو بسرعة، و½من الشياطين¼ صفة ½منهزم¼، وهو جمع شيطان وجملة ½يقفوا¼ حال منه، وضميره المستتر راجع الى المنهزم، و½يقفوا¼ كـ½ينموا¼ من القفو بمعنى التبعية كقوله:

ومن يقف اثار الهز بر ينل به           طائح حمر الوحش اذ هو راتع

وقوله: ½اثر¼ بالنصب مفعول ½يقفوا¼، و½الاثر¼ بمعنى العقب يقال: الاثر يدل على المسير كالبعرة تدل على البعير، يعني ان الشياطين يصعدون الى السماء راكبا بعضهم على بعض فتنقض الشهب قبل ادراكهم السماء، فينصرفون منها بالانهزام والفرار تابعا بعضهم اثر بعض، وتدركهم الشهب، ولا تخطئ ابدا فمنهم من تحرقه وتجعله رمادا، ومنهم من يحرق بعض اجزائه، ومنهم من يفسد عقله، لايقال: ان الشيطان من النار فلا يحترق؛ لانا نقول: انه ليس من النار الصرفة كما ان الانسان ليس من التراب الخالص على ان النار القوية اذا استولت على الضعيفة استهلتكها كما لايخفى.

 

 

٧٠      كَانَّهُمْ هَربا ابطَالُ ابرهَةٍ         اوْ عَسْكَر بالْحصٰى مِنْ راحتيْهِ رمِيْ

 

لَمَّا كان فرار الشياطين وانهزامهم امرا وهميا اراد ان يقرره في اذهان السامعين بتشبيهه بالمحسوس مع الاشارة الى علامة عجيبة كانت بسبب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: ½كانهم هربا ابطال ابرهة... الخ¼، ½كان¼ للتشبيه، وضميره راجع الى الشياطين. و½هربا¼ بالنصب حال من اسم ½كان¼، وهو بفتحتين الفرار خوفا، و½ابطال¼ بالرفع خبر ½كان¼، وهو جمع بطل بمعنى الشجعان. و½ابرهة¼ اسم ملك "اليمن" من


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310