غشيته الرحمة، ونزلت عليه السكينة، ويحشر في زمرتي وتحت لوائي[1] والفاء في ½فما يبقين¼ تفريعية اي: لمّا كانت الايات محكمات فما يبقين... الخ، ويبقين جمع مؤنث من الابقاء بمعنى الدوام، و½من¼ زائدة، و½شبه¼ جمع شبهة، و½لذى¼ ظرف مستقر صفة ½شبه¼، و½الشقاق¼ بمعنى الخلاف، والمراد من اهل الخلاف من كان مخالفا لشرعنا، ½ولايبغين¼ عطف على ½ما يبقين¼، و½يبغين¼ بفتح الياء كما كان ½يبقين¼ بضم الياء، وهو من البغي بمعنى الطلب، و½من¼ زائدة، و½الحكم¼ بفتحتين بمعنى الحاكم اي: القران لايحتاج الى حاكم اخر فوقه بخلاف الحديث فانّه مسند الى الكتاب، وكذا الاجماع والقياس فانّهما محتاجان الى احدهما، وقرئ حكم بكسر وفتح على انه جمع حكمة، فالمعنى: ان القران لايحتاج الى حكم زائدة لوضوح قوانينها بل جميع الحكم والقواعد ماخوذة منه فلم يكن شيء يشتمل على ما يشتمل عليه القران، ثم ان هذا البيت فيه صنعة تلميح الى قوله تعالى: ﴿ هُوَ ٱلَّذيٓ انزلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتٰب مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰت هُنَّ امُّ ٱلۡكِتٰب ﴾ الاية [ال عمران: ٧] وجناس كامل بين يبقين ويبغين كما لايخفى على اهل البديع.
٩٥ مَاحوْربت قَطُّ الا عَاد مِنْ حرب اعْدى الاعَادي الَيْهَا مُلْقِيَ السَّلَمِ
لَمَّا بيّن في البيت السابق ان الايات قد قطعت شبهة المشتبهين مع ان الفصحاء والبلغاء كامرئ القيس وغيره قد عارضوا القران دفعه بقوله: ½ما حوربت... الخ¼، ½ما¼ نافية و½حوربت¼ ماض مجهول من المحاربة بمعنى المعارضة على سبيل الاستعارة بان شبه المعارضة بالمحاربة في مدافعة الخصم ومضرته والاستعداد له، ثم استعير المحاربة لمفهوم المعارضة، ثم اشتق من المعارضة ½عورضت¼ ومن المحاربة ½حوربت¼، فذكر حوربت واريد عورضت، والمراد من المعارضة للقران اتيان مثله في البلاغة والفصاحة. و½قط¼ ظرف زمان للماضي على سبيل الاستغراق، ولايستعمل الا في النفي و½الا¼ للاستثناء والمستثنى منه محذوف اي: في حال من الاحوال الا في حال عود الاعادي، فـ½عاد¼ اما من العود بمعنى الرجوع، او بمعنى صار وانتقل، و½من حرب¼ متعلق بـ½عاد¼
[1] "نوادر الأصول في أحاديث الرسول"، الأصل الرابع والأربعون والمأتان في بيان أقسام القرآن، ٣/٢٠٣. (المكتبة الشاملة)