١٠٦ وَمَنْ هُوَ الايَةُ الْكُبرٰى لِمُعْتبر وَمَنْ هُوَ النِّعْمَةُ الْعُظْمٰى لِمُغْتنِمِ
ثم كَرر النداء لزيادة اشتياقه الى ذاته الاعلى مع بيان اوصافه الاسنى، والاشارة الى حكمة عروجه الى سدرة المنتهى فقال: ½ومن هو... الخ¼، فالواو عاطفة، و½من¼ معطوفة على المنادى اعني خير، فالتقدير: يا من هو الاية، و½هو¼ ضمير فصل يفيد القصر، و½الاية¼ بمعنى العلامة التي يميز بها بين الحق والباطل، و½الكبرى¼ تانيث الاكبر، وتنوين ½معتبر¼ للتكثير اي: لكل معتبر، والمراد من المعتبر المستدل على الحق تعالى وعلى دينه الحق المميز بين الحق والباطل، والواو عاطفة، و½النعمة¼ عبارة عن المنفعة المعقولة على جهة الاحسان الى الغير، وقيل: النعمة على قسمين: نعمة المنافع كصحة البدن والامن والعافية والتلذذ بالمطاعم والمشارب والمناكح ونعمة دفع المضار من الامراض والبلايا والشدائد والفقر، وفي كتب التصوف النعم ست: الاولى نعمة النفس: وهي الطاعات والاحسان، والنفس فيهما تتقلب، والثانية نعمة القلب: وهي اليقين والايمان، وهي فيهما تتقلب، والثالثة نعمة الروح: وهو الخوف والرجاء، وهي فيهما تتقلب، والرابعة نعمة العقل: وهو الحكمة والبيان، وهي فيهما تتقلب، والخامسة نعمة المعرفة: وهو الذكر والقران، وهي فيهما تتقلب، والسادسة نعمة المحبة: وهو الالفة والمواصلة والامن من الهجران، وهي فيها تتقلب. والنعمة هاهنا بمعنى المنعم به لانه عليه السلام نعمة عظمى لكونه رحمة لسائر الخلق مع انه قد صدر عنه نعم كثيرة لايحصى عدد انواعها اجمالا فضلا عن افرادها تفصيلا. و½العظمى¼ تانيث الاعظم، و½المغتنم¼ اما متعلق بـ½النعمة¼ واما ظرف مستقر صفة للنعمة كما كان قوله: ½لمعتبر¼ صفة للاية، و½المغتنم¼ على صيغة اسم الفاعل من اخذ الخير واغتنم به، يعني انه عليه السلام هو الاية الكبرى لكل من اخذ العبرة لانه اكمل الموجودات، ونعمة عظمى لكل من علمه غنيمة، وخير لانه رحمة وهداية تامة ورافع للظلمات ودافع للشهبات ومقصود للسائلين في الارض والسموات، ثم اعلم! ان هذا البيت والبيت الذي قبله اشارة الى حكمة معراج رسول الله عليه السلام وهو انه اختصم الملا الاعلى وناظروا في اربع مسائل مقدار الف سنة ولم يوفقوا لحلها، فلما بعث نبينا عليه السلام، علموا ان هذه المشكلات انما تنحل منه عليه السلام