عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

مقصورا جمع عدو كالاعداء، والمراد بهم اعداء الدين، اعني: الكفار والمشركين و½الانباء¼ بالرفع فاعل ½راعت¼، وهي جمع نبا بمعنى الخبر، وخبر البعثة وان كان في ذاته واحدا جمع بالنظر الى المخبر به؛ لانّه كثير او باعتبار المخبرين، او جمعه مجاز للتعظيم لشانه فتدبر. و½البعثة¼ مصدر بمعنى الرسالة والنبوة، والضمير راجع اليه عليه السلام اي: كونه مرسلا وكونه مدعيا للنبوة واظهار بطلان اديانهم وكسر اصنامهم في عيانهم، ثم اتى بنظير لكون اعدائه متفرقة بخبر نبوته فقال: ½كنباة... الخ¼، ½النباة¼ بمعنى صوت الاسد، وجملة ½اجفلت¼ صفة نباة، وهو من الافعال بمعنى الاهراب اي: اهربت وفرقت وافزعت. و½غفلا¼ بالنصب مفعول ½اجفلت¼، و½الغفّل¼ بضم الغين جمع غافل، و½الغنم¼ اسم جنس يقع على الكثير والقليل.

وحاصل المعنى: ان اخبار نبوته واثار بعثته خوفت قلوب الاعداء من الكافرين من اهل الكتاب والمشركين مثل صيحة الاسد اهربت الاغنام الغافلة وفرقت جمعهم بهيبة عالية، وفي هذا البيت اشارة الى نصرته عليه السلام بالرعب اذ ورد في الحديث الصحيح انه عليه الصلاة والسلام قال: نصرت بالرعب مسيرة شهر[1] وفي حديث شهرين حيث وقعت الهيبة في قلوبهم بلا جهاد ولا مقاتلة بل من عند الله تعالى فكانوا يجيئون من الاقطار ويؤمنون بالنبي المختار.

 

١١٩   مَا زالَ يَلْقَاهُمْ فِيْ كُلِّ مُعْتركٍ        حتى حكَوْا بالْقَنَا لَحما عَلَى وَضَمِ

 

ثم شرع في بيان جهاده وقتاله في المعارك والكتائب وكونه غالبا عليهم بالرماح والقواضب فقال: ½ما زال يلقاهم... الخ¼، ½ما زال¼ بمعنى دام مجازا، و½يلقاهم¼ من ½اللقاء¼ بمعنى الملاقاة، وفاعله راجع الى النبي عليه السلام، وضمير مفعوله راجع الى الكفار، ويقرا يلقاهم باشباع ضمة الميم لضرورة الوزن. و½المعترك¼ على صيغة المفعول بمعنى المعركة ومحل الحرب يعني كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يلقي الكفار في محل الحرب كلما خرج لاجل المقاتلة ويغلب عليهم وكان عدد مغازيه عليه السلام


 



[1]     "صحيح البخاري"، كتاب التيمم، الحديث: ٣٣٥، ١/١٣٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310