٦ فَكَيْفَ تنْكِر حبا بعْد مَا شَهِدت بهِ عَلَيْكَ عُدوْلُ الدمْعِ وَالسَّقَمِ
لما جاء العاشق على دعواه بشاهدين كانه قيل من طرف الشخص المجرد من نفسه: انّ شاهديك غير عدلين فلا يثبت بهما دعواك فاثبت عدالتهما بقوله: ½فكيف تنكر... الخ¼ ½الفاء¼ في ½فكيف¼ فصيحة اي: اذا دلت الادلة السابقة وبعدها شهدت الشواهد اللاحقة على دعوى ان سلطان المحبة في مدينة قلبك فكيف... الخ، و½كيف¼ حال لا مفعول فيه، والاستفهام اما للتعجب كقوله تعالى: ﴿ كَيۡفَ تكۡفُرونَ بٱللَّهِ ﴾ [البقرة: ٢٨]، او للتوبيخ، او للاستبعاد اي: لا ينبغي ان تنكره بعد هذا. و½تنكر¼ من الانكار، وهو الجحد ضد الاقرار. و½حبا¼ مفعول ½تنكر¼، وتنوينه للتعظيم كما في قوله:
صُبت عَلَيَّ مَصَائِب لَوْ انَّهَا صُبت عَلَى الايَّامِ صِرنَ[1] لَيَالِيَا
و½بعد¼ بالنصب ظرف لـ½تنكر¼ و½ما¼ اما مصدرية فضمير ½به¼ للحب، واما موصولة فضمير ½به¼ له، و½الشهادة¼ خبر صادر من شخص صادق، وبقرينة الاسناد الى العدول فيه استعارة مصرحة وتبعية بان شبه الدلالة بالشهادة في اعلام الشيء واظهاره، ثمّ استعير الشهادة لمفهوم الدلالة، ثمّ كانّه ذكر الشهادة، واريد منها الدلالة، وبتبعية هذه الاستعارة اشتق من الشهادة ½شهدت¼، ومن الدلالة ½دلت¼، وبواسطة العَلاقة في مصدرهما شبه هيئة ½دلت¼ بهيئة ½شهدت¼، ثمّ استعير ½شهدت¼ لمفهوم ½دلت¼، فذكر ½شهدت¼، واريد مفهوم ½دلت¼، و½على¼ في ½عليك¼ مستعمل في الضرر كما في قوله تعالى: ﴿ لَهَا مَا كَسَبتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتسَبتۡۗ﴾ [البقرة: ٢٨٦] وكقوله:
قَد اصْبحت امُّ الخيَار تدعِي عَليَّ ذنْبا كُلُّهُ لَمْ اصْنَع
وانّما استعمل في الضرر لانّ قلب العاشق غير راض باظهار عشقه واثباته بل ينكره غاية الانكار ليتفرع عليه الاحوال والاسرار. و½العدول¼ جمع عدل بمعنى عادل