دركات النيران، وفي جزئه الاخروي، وهو الروح طريق الى درجات الجنان، وخلق من هذين الجزئين القلب، وله طريق الى كونه بين اصبع الرحمة واصبع القهر، فمن يرد الله به ان يكون مظهر قهره ازاغ قلبه وحول وجهه الى الدنيا فيريد العاجلة، ويرمي بها نفسه الى ان يبلغ الى دركات جهنم، ومن يرد الله به ان يكون مظهر لطفه اقام قلبه، وحول وجهه الى العالم العلوي فيريد الاخرة ويسعى لها سعيها.
١٤٥ انْ ات ذنْبا فَمَا عَهْدي بمُنْتقِضٍ مِنَ النَّبيِّ وَلَا حبلِيْ بمُنْصَرمِ
لمّا ذكر كون نفسه منغمسة في اودية المعاصي والاوزار وخسارتها في تجارتها وعدم كسبها ربحا ينفع في دار القرار وفهم منه انه لم يكن له فوز ونجاة من العذاب الاليم في يوم الحشر والميقات فوقعت نفسه في دهشة وحيرة وكاد يقطع الرجاء من مغفرة تلك الذنوب شرع في تسلية النفس وتانيسها ودفع وحشتها وحيرتها ببيان ما يكون سببا لمغفرتها فقال: ½ان ات ذنبا... الخ¼، ½ان¼ حرف شرط و½ات¼ بمد الهمزة وكسر التاء نفس متكلم وحده اصله اتي من اتى ياتي فسقط الياء للجزم، فمعنى ان ات، ان فعلت. و½ذنبا¼ بالنصب مفعول ½ات¼، و½الذنب¼ عام يشمل كل الذنوب واحدا بعد واحد. و½الفاء¼ في ½فما¼ للجزاء اي: فلا احزن ولا اقطع الرجاء وطلب العفو او فلا تحزني يا نفسي ولا تتحيري ولا تقطعي الرجاء، ففي العبارة على كلا التقديرين ايجاز الحذف فيكون قوله: ½ما عهدي¼ علة للجزاء المحذوف كما لايخفى. و½ما¼ نافية، و½العهد¼ بمعنى الميثاق، والمراد به التزامه التوحيد والدين والعقائد. و½المنتقض¼ من نقض العهد بمعنى عدم الوفاء به و½من النبي¼ متعلق بـ½منتقض¼. و½لا حبلى¼ عطف على ½ما عهدي¼، وتكرير النفي للتاكيد اي: لانّه لم يكن حبلى... الخ، والمراد من الحبل الوسائل التي بينه وبين النبي عليه الصلاة والسلام، والاصوب ان يكون المراد من العهد والحبل ما سياتي في البيت الاتي، وهو الوعد الذي جاء في التسمية بـ½محمد¼، و½منصرم¼ على صيغة اسم الفاعل بمعنى المنقطع.
وحاصل معنى البيت: ان فعلت ذنبا وكسبت سيئا فاني ارجو ستره وغفرانه لانّ عهدي الذي هو الايمان ليس بمنتقض لان نقض التوبة بارتكاب المعصية لا ينقض عهد