فذهب رستم من بلاد خراسان بماتي الف رجل الى بلاد العراق، وتبعه جميع اهل الذمة، ونقضوا العهد، وكان ذلك في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، فوجه عمر رضي الله تعالى عنه عساكر كثيرة، وجعل سعد بن ابي وقاص صاحب الجيش، وامر جيشه الذي كان في العراق اولا ان يبايعوا سعدا فوصل سعد مع العساكر الى عسكر رستم، فلما تقابل الفريقان راى هلال ابن علقمة الهيثمي رستما فتوجه اليه، فرماه فقتله، فاعطاه سعد سلبه، فبلغ سلبه سبعين الف درهم سوى قلنسوته فانها بلغت مئة الف، وانهزمت الفرس، فنهض سعد خلفهم، يفرق شملهم ويقتل حزبهم، ولم يلتئم بعد ذلك شملهم، فوصل الى المسلمين مغانم كثيرة، روي انهم اخذوا علم الكفار، وذهبوا به مع المغانم الى عمر رضي الله تعالى عنه، فقسمه بين المسلمين، فبلغ سهم علي كرم الله وجهه شبرا منه، فباعه بعشرة الاف دينار.
٦٢ وَالنَّار خامِدةُ الانْفَاسِ مِنْ اسَفٍ عَلَيْهِ وَالنَّهْر سَاهِي الْعَيْنِ مِنْ سَدمِ
ثم شرع في بيان العلامة الثالثة والرابعة فقال: ½والنار خامدة الانفاس من اسف... الخ¼، والواو عاطفة، والجملة معطوفة على الجملة السابقة، ولابد فيه من فيه ايضا، ولا يرد ان هذه الجملة اسمية، والاولى فعلية، فلا يحسن عطفها عليها لكون كل واحدة منهما في تاويل المفرد، وتقديره فحينئذ لايضر العطف كما لايخفى. و½خامدة¼ من الخمود، وهو انقطاع شعلة النار مع بقاء جمرها، و½الانفاس¼ جمع نفس، وهو بالفتح ما يدوم ببقائه الحيوان، والمراد هاهنا به شعلة النار بطريق الاستعارة بان شبه شعلة النار بنفس الحيوان في كونهما سببا للدوام، واستعير الانفاس لشعلة النار، فذكر الانفاس واريد الشعلة، والقرينة على هذه الاستعارة ايقاع الخامدة على الانفاس هذا مبني على ان تكون النار على حقيقتها، ويجوز ان يراد من النار الكفار مجازا واستعارة بان شبه الكفار في هلال من قرب منها، فاستعير النار للكفار، فذكر النار، واريد الكفار، فعلى هذا يكون الخمود تجريدا، والانفاس تخييلا، والاسف ترشيحا، ويجوز ان يكون النار استعارة مكنية بتشبيهها بالحيوان المضر، والانفاس تخييلها، والاسف ترشيحها وقوله: ½من اسف¼ متعلق بـ½خامدة¼، والاسف بمعنى الحزن كما في قوله تعالى حكاية: ﴿ يَٰٓاسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ ﴾ [يوسف: ٨٤]،