اشتق من الاستمساك مستمسكون ومن الاطاعة مطيعون، فشبه مطيعون بمستمسكون، فالستعير المستمسكون لمفهوم المطيعون، فذكر مستمسكون، واريد المطيعون، ثم غير منفصم ترشيح على الترشيح، وكلما زاد ترشيح الاستعارة زاد حسنها، و½منفصم¼ اسم فاعل من الانفصام بمعنى: القطع من غير فصل، واما ½الانقصام¼ بالقاف فهو القطع بفرق وفصل، ثم اعلم ان في اول هذا البيت تلميحا الى قوله تعالى: ﴿ يَٰٓايُّهَا ٱلنَّبيُّ انَّآ ارۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدا وَمُبشِّرا وَنَذيرا 45 وَداعِيًا الَى ٱللَّهِ باذۡنِهِۦ وَسِراجا مُّنِيرا ﴾ الاية [الاحزاب: ٤٦،٤٥]، والى قوله تعالى: ﴿ وَمَنۡ احۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دعَآ الَى ٱللَّهِ ﴾ الاية [فصلت: ٣٣]، وفي المصراع اقتباس من قوله تعالى: ﴿ وَٱعۡتصِمُوا بحبۡلِ ٱللَّهِ جمِيعٗا﴾ [ال عمران: ١٠٣]، وفي هذا البيت اشارة ايضا الى قوله عليه السلام من تمسك بسنتي عند فساد امتي فله اجر مئة شهيد[1] كما لايخفى على من القى السمع وهو شهيد.
٣٨ فَاقَ النَّبيِّيْنَ فِيْ خلْقٍ وَفِيْ خلُقٍ وَلَمْ يُدانُوْهُ فِيْ عِلْمٍ وَّلا كَرمِ
فلمَّا ورد النقض على البيت الاول الذي قد كان دليلا لدعوى حصر الحبيبية عليه عليه السلام من ان دليلك هذا اي: قولك: ½دعا الى الله¼ الى اخر البيت جاز ايضا في سائر النبيين مع ان المدعى متخلف عنه اراد ان يثبت دعواه بدليل اخر قوي فانتقل اليه فقال ½فاق النبييبن الى اخره¼ فتقرير قياسه هكذا محمد هو الحبيب الذي ترجى شفاعته؛ لان محمدا فاق النبيين في خلق وفي خلق ولم يدانوه في علم ولا كرم، وكل من شانه كذا فهو الحبيب الذي ترجى شفاعته، فينتج المطلوب، ثم ان ½فاق¼ بمعنى: ربح وزاد عليه في الرفعة، وهو من الفوق، والفوق والتفوق حقيقتهما ان يستعملا في الرفعة المكانية لكن استعمل هاهنا في الرفعة الرتبية مجازا واستعارة تبعية بان شبه علو القدر ورفعة المرتبة بالتفوق المكاني في الرفعة المطلقة، ثم استعير التفوق المكاني للعلو القدري، ثم ذكر التفوق المكاني، واريد العلو القدري، وبتبعية هذه الاستعارة اشتق من العلو القدري علا ومن التفوق المكاني فاق، فشبه علا بـ½فاق¼ بواسطة العلاقة التي في مصدرهما، ثم استعير