عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

للانسان؟ اي: لا بل يلزم ان تلزم حمية الندم مع البكاء، و½الحمية¼ بمعنى الاحتماء والحفظ، وهو بالنصب مفعول ½الزم¼، و½الندم¼ بمعنى الندامة والياس، وبالفارسي پشيمان شدن، واضافة الحمية اليه اما بيانية اي: حفظا هو الندامة على ما مضى او بمعنى من اي: الاحتماء الحاصل من الندم؛ لانه لو ندم حفظ من العصيان، واما من اضافة المشبه الى المشبه به كما في لجين الماء اي: ندامة كالاحتماء في عدم السلوك الى المعاصي، فان قلت: استفيد من هذا البيت ان علاج جميع المعاصي هو البكاء والندامة مع ان المظالم واخذ حق الغير لاتغفر بالبكاء والندامة بل بردها الى اصحابها والاستحلال منها؟ قلت: رد المظالم والاستحلال من الخصوم ونحوهما داخل في الندامة كما لايخفى.

وحاصل معنى البيت: يا من امتلات عينه من المحرمات وشحن قلبه بمرض الغفلات عليك باستخراج الدموع والبكاء لانّه يذهب كل ما اكتسبت من الهوى كما قالوا: صب العبرات يحط السيئات ويرفع الدرجات، وكما في بعض الاخبار المروية انه يؤتى بعبد يوم القيامة وتشهد عليه اعضاءه بالزلة والعصيان فيستحق ان يدخل النيران فتطاير شعرة من جفن عينه فتستاذن تلك الشعرة من الله تعالى بالشهادة له فيقول الله تعالى عزوجل: تكلمي يا شعرة واحتجي عن عبدي، فتشهد تلك الشعرة لذلك العبد بانه قد بكى في الدنيا من خوف ربه، فيغفر له وينادي مناد هذا عتيق الله تعالى بشعرة كما سئل من الامام حجة الاسلام عن العينين المذكورتين في قوله تعالى: ﴿فِيْهِمَا عَيْنَانِ تجريَانِ﴾ [الرحمن: ٥٠] هما لمن؟ فقال: عينان تجريان لمن له اليوم عينان تجريان، هذا ما قرر في التفسير "روح البيان".

 ثمّ اعلم! انّ من خواص هذا البيت انّه لو عسر عليك في مطالعتك محل من درسك ولم يمكن لك كشفة فاقرا هذا البيت مئة وتسع عشرة مرة فانه يكشف عليك باذن الله تعالى.

 

٢٤     وَخالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا      وَانْ هُمَا مَحضَاكَ النُّصْح فَاتهِمِ

 

لمّا بين ولوغ النفس في هواها وبلوغ الهوى في المضرة منتهاها وكون النفس في يد صاحبها شرع في بيان المخالفة التامة لها: فقال: ½وخالف... اه¼، الواو عاطفة من قبيل


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310