عطف الانشاء على الانشاء، و½خالف¼ امر من المخالفة اثر صيغة المخالفة للمبالغة، و½النفس¼ بالنصب مفعول ½خالف¼ والالف واللام فيها للعهد اي: النفس الامّارة المكارة، و½الشيطان¼ بالنصب عطف على ½النفس¼، واختار من الحروف العاطفة ½الواو¼ ليدل على اجتماعهما واشتراكهما في الامر بالسوء والفحشاء، كما في قوله تعالى: ﴿ انَّ ٱلنَّفۡسَ لَامَّارةُۢ بٱلسُّوٓءِ ﴾ [يوسف: ٥٣] وقوله تعالى: ﴿ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدكُمُ ٱلۡفَقۡر وَيَاۡمُركُم بٱلۡفَحۡشَآءِۖ ﴾ [البقرة: ٢٦٨]، فان قلت: فعلى هذا يكون عطف الشيطان على النفس مستدركا لانّ الامر بمخالفة النفس مغنٍ عن الامر بمخالفة الشيطان؛ لانّهما شريكان ومتحدان في الامر بالسوء فالامر بالمخالفة لاحدهما امر بالمخالفة للاخر فلا فرق بينهما؟ قلت: الفرق بينهما بيّن؛ لانّ النفس لو امرت بمعصية تكون مصرة عليها حتى لو فعل معصية اخرى غير ما امرت النفس لا تسكن الا بفعل المعصية التي امرت بها؛ لان النفس فيها نفسانية بخلاف الشيطان، ثمّ انّ ½الشَيطان¼ اما فَيعال على ان تكون نونه اصلية من شطن اذا بعد لبعده عن الخير والرحمة او فعلان على ان تكون نونه زائدة من شاط اذا هلك، او اذا اسرع في السير لسرعة سيره في باطن الادمي او في اضلال الادمي او اذا احترق لكون اصله نارا او لكون اوله نارا فعلى هذين يجوز صرفه وعدمه اذا جعل علما قال الجعيري: الشيطان ابليس وجنوده، والمراد الجنس، وقيل: عن تفسير "الخازن" جنس للمردة من الشياطين، ثم اختلف في الشيطان والجن هل هما موجودان او معدومان؟ والاصح هو الاول، فعلى الاوّل اختلف ايضا هل هما مجردان او لا؟ واكثر المتكلمين على الثاني، فعلى الثاني اختلف ايضا في انّهما هل هما مختلفان بمعنى ان الشيطان جسم لطيف ناري قادر على التشكل باشكال مختلفة، والجن هوائي قادر على التشكل كذلك، وايضا الملك جسم لطيف نوراني كذلك، او متحدان جنسا فما يكون منهم خيرا سعيدا جن، وما يكون شريرا شقيا شيطان، فان قيل: هل للشيطان نسل؟ قال ابو المعين النفسي في "بحر الكلام": قيل: ان الشيطان يبيض بيضات ويخرج منها الولد، وفي الخبر: ان في احد فخذيه فرجا وفي الاخر ذكرا فيجامع نفسه، فيخرج منه الولد وهذه رواية شاذة، وقيل: يدخل ذنبه في دبرة فيخرج منه الولد وهذا غير صحيح، فالصحيح هو الاوّل، ثم اعلم! انّ المراد من الشيطان هاهنا اعمّ من الانس والجن؛ لانّ