١٤٤ وَمَنْ يَبعْ اجلا مِنْهُ بعَاجلِهِ يَبنْ لَهُ الْغَبنُ فِي بيْعٍ وَفِي َسلَمِ
لمّا استفيد من البيت السابق انه اشترى الدنيا بالدين اذ مفهوم المخالفة معتبر في مذهب الناظم الفاهم الامين فكانه قيل: ما يحصل لمن اشترى الدنيا بالدين؟ اجاب عنه بقوله: ½ومن يبع اجلا... الخ¼ ½الواو¼ ابتدائية، و½من¼ اسم شرط مبتدا. و½يبع¼ مضارع مجزوم من باع يبيع بيعا، والبيع وكذا الابتياع من الاضداد يقع على فعل المشتري والبائع كالشراء وكذا الاشتراء، والمراد به هنا ما وقع على فعل البائع واريد منه المعنى المجازي اعني الاستبدال والاخراج من اليد. و½اجلا¼ بالنصب مفعول ½يبع¼ والاجل ما ياتي بعد اجل ومدة، والمراد به هنا العقبى وما يتعلق بالدين اذ ثمرته تظهر في الاخرة. و½منه¼ ظرف مستقر صفة لـ½اجل¼، وضميره راجع الى الدين، ومن ارجع ضمير ½منه¼ الى ½من¼ فقد وقع في تكلف تدبر. و½بعاجله¼ متعلق بالبيع والعاجل ما ياتي عجلة والمراد به الدنيا وهو في مقام الثمن الماخوذ في البيع اذا دخل عليه الباء وضمير عاجله راجع الى ½من¼ وجملة يبن جزاء الشرط، وهو مضارع مجزوم من ½بان يبين¼ اي: يظهر فمعنى يبن اي: يظهر قريبا قال الشاعر:
سَوْفَ ترى اذا انجلى الغُبار ا فَرسٌ تحتكَ ام حمار؟
وضمير ½له¼ راجع الى ½من¼ و½الغبن¼ بالرفع فاعل ½يبن¼ و½الغبن¼ بفتح الغين وسكون الباء بمعنى الضرر الكامل الزائد زيادة فاحشة. و½في بيع¼ متعلق بالغبن او صفة له. و½في سلم¼ عطف على ½في بيع¼ واعادة الجار لضرورة الشعر ولفظ البيع عام لانواع البيع كبيع العين بالعين وهو المقايضة، وبيع العين بالدين وهو المداينة، وبيع الثمن بالثمن وهو الصرف، وبيع الدين بالعين وهو السلم، بفتحتين، وما نحن فيه من قبيل السلم، ولذا تعرض الى تصريحه بقوله: و½في سلم¼، وفي البيت استعارة مصرحة وبيانها لايخفى على اهل البيان. وايماء الى رد من يقول: الدنيا نقد والاخره نسيئة واعطاء النقد لها غير معقول فان السلم انما يكون باعطاء النقد للنسيئة وحذاق التجار تلقوه بالقبول.
اعلم! ان الله تعالى خلق الانسان مركبا من الدنيا والاخرة ولكل جزء منهما ميل وارادة الى كله يتغذى منه ويتقوى ويتكمل به ففي جزئه الدنيوي وهو النفس الامّارة طريق الى