عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

وقال اخر:

                             بين المُحبين سِر ليس يُفْشِيه    قول ولا قلم للخلق يُحكِيه

سر يُمازجه انْس مقابله         نور يحير في بحر من التيْهِ

وقال بعض اهل الحال: لو بين كلمة من تلك الاسرار لجميع الاولين والاخرين لماتوا جميعا من ثقل ذلك الوارد الذي ورد من الحق على قلب عبده، وتحمل ذلك المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوة ربانية ملكوتية لاهوتية البسه الله اياها، ولولا ذلك لم يتحمل ذرة منها لانّها انباء عجيبة واسرار ازلية لو ظهرت كلمة منها لتعطلت الاحكام، ولفنيت الارواح والاجسام، واندرست الرسوم، واضمحلّت العقول والعلوم، وقال بعض المفسرين: ان ما اوحي اليه عليه السلام تلك الليلة على اقسام: قسم اداه الى العوام، وهو الاحكام والشرائع، وقسم اداه الى الخواص، وهو المعارف الالهية، وقسم اداه الى اخص الخواص، وهو الحقائق والنتائج للعلوم الذوقية، وقسم اخر بقي معه لكونه مما خصه الله تعالى به، وهو السر الذي بينه وبين الله تعالى عزوجل.

 

١١٤   فَحزت كُلَّ فِخار غَيْر مُشْتركٍ       وَجزت كُلَّ مَقَامٍ غَيْر مُزدحمِ

 

لمَّا بين العلة الغائية للمعراج من الوصلة الى جمال الرب الفراج ومن نيله السر الذي لم يطلع عليه احد من الاولياء والانبياء والملائكة الذين هم في السموات كالسراج الوهاج اراد ان يبين بعض ما يتفرع على تلك الوصلة من الفضائل والفواضل التي تورث للامّة السرور والابتهاج وما يدفع به بلاياهم في الدنيا وما ينجيهم في الاخرة من عذاب ذي امواج فقال: ½فحزت كل فخار... الخ¼. الفاء للتفصيل والتفريع، و½حزت¼ على صيغة الخطاب كـ½قلت¼ من حاز بمعنى جمع والخطاب له عليه السلام اي جمعت. و½كل¼ بالنصب مفعول ½حزت¼. و½الفخار¼ بكسر الفاء ما يفتخر به من الفضائل والفواضل والشمائل. و½غير¼ بالنصب على انّه حال من فاعل ½حزت¼، او على انه صفة ½كل¼، اومجرور على انه صفة لـ½فخار¼، و½جزت¼ عطف على ½حزت¼، وهو بالجيم والزاي من الجواز كما كان الاول بالحاء المهملة والزاي من الحوز، و½جزت¼ بمعنى عبرت وذهبت وتعديت، و½كل مقام¼ كـ½كل فخار¼. و½غير مزدحم¼ كـ½غير مشترك¼، و½المزدحم¼


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310