جموحا بمعنى الشدة والغلظة، وعلى هذا يكون الرد بمعنى الازالة، ويجوز ان يكون جمعا، فتكون اضافته بيانية، او من قبيل اضافة الموصوف الى صفة اي الخيل الجماح فافهم، و½باللجم¼ متعلق بـ½يرد¼ وهي جمع لجام ككتب وكتاب، واللجام معرب لكام الفارسي، وقال قوم: انّه عربي لا تعريب فيه كذا ذكره الجوالقى في كتابه: "المعرب"، وهو الذي يضرب بفم الفرس ليكون صاحبه قادرا به ليتوجه نحو المطلوب، وفي هذا البيت من صنائع البديع جناس بين ½مَن¼ و½مِن¼ وبين ½برد¼ و½يرد¼ وبين ½الجماح¼ و½الجماح¼، وتناسب بين الخيل واللجم، وحاصل معنى البيت ظاهر مما ذكرنا ظهورا لا حاجة الى اعادته.
١٧ فَلا ترمْ بالْمَعَاصِيْ كَسْر شَهْوَتهَا انَّ الطَّعَامَ يُقَوِّيْ شَهْوَةَ النَّهِمِ
فلمّا عد في الابيات السابقة انغماس النفس في اودية المعاصي والذنوب وعدم قبول وعظ الناصح بالانذار بقرب الوقت كالغروب وعجز عن اصلاحها بعد الندامة واسترشد بالمرشد الكامل ولم يجد ذلك المرشد فكانّه قيل: انّ مرشد نفسك حاضر عندك فلا حاجة الى الطلب وتبعيد وجوده، وهو استيفاءها بالمعاصي لانّ النفس اذا استوفت وشبعت من شيء كمال الشبع تسام منه فلا ترغب اليه بعده ابدا، فانت اذا استوفيتها بالمعاصي كلها كسرت شهوتها، ولاتميل اليها بعده ابدا قال ردا لذلك القائل: ½فلا ترم بالمعاصي الخ¼ بتغيير الاسلوب من التكلّم، الى الخطاب، وهو التفات عند جمهور اولى الالباب، ونكتة الشروع في رد جماح النفس وبيان كيفيته ½ولا ترم¼ نهي حاضر من ½رام¼ بمعنى ½طلب¼، وصيغة النهي دالة على كون المنهي عنه قبيحا كما انّ الامر بالشيء يدل على حسنه، والفاء فيه جزائية اي: اذا اكرمت النفس واشبعتها بضيافة الذنوب ½فلاترم الخ¼ والباء في ½بالمعاصي¼ للاستعانة كما في ½كتب بالقلم¼، والمعاصي جمع معصية، وهي الذنب صغيرا كان او كبيرا و½كسر¼ بالنصب مفعول لـ½فلا ترم¼، و½الكسر¼ بمعنى القطع والانكسار اي: فلاتطلب انقطاع اشتهاء النفس بالمعاصي وانكسارها، وفي قوله: ½بالمعاصي¼ استعارة، مكنية تعبيرها هكذا: شبه المعاصي للنفس بالطعام للانسان في كونها مشتهيات وملذات، وذكر المشبه كما في قوله: ½انشبت المنية