للعهد، او للاستغراق لكن الاول اولى اي: النفس المعهودة الامارة وقوله: ½كالطفل¼ الكاف بمعنى المثل رفع حملا على الخبرية اي: النفس الامارة كائنة مثل الطفل، و½الطفل¼ ولد يمضي عليه بعد ولادته زمان قليل، والانسان في الرحم يسمى جنينا، واذا ولد يسمى وليدا، واذا مضى عليه زمان قليل يسمى طفلا، وبعده يسمى صبيا، وبعده مراهقا، وبعده غلاما الى ان يبلغ تسع عشرة سنة، ثم منه شابا الى ثلاث وثلاثين، ثم منه كهلا الى احدى وخمسين ثم منه شيخا الى اخر العمر، وقيل: الطفل من مضى عليه بعد ولادته حولان كاملان، وفيه اقوال اخر لكن المناسب لهذا المقام المعنيان المذكوران، وانّما قال: كالطفل، ولم يقل: كالصبي لانّ الصبي العاقل كالبالغ الكامل في كون ايمانه وردته وصومه وصلاته وغير ذلك معتبرا، فاذا كان كذلك يكون فاعلا مختارا فلا يطيع امر غيره فلا يناسب التمثيل والمقام، وقوله: ½ان تهمله¼ اثر ½انْ¼ الدالة على الشك دون ½اذ¼ الدالة على القطع لكون مدخوله مشكوكا، و½تهمله¼ مضارع من الاهمال على صيغة الخطاب. وشب الصبي اذا بلغ اوان شبابه، و½على¼ اما بمعنى ½الى¼ متعلق بـ½شب¼، واما بمعناه متعلقا بمحذوف اي: حريصا وملازما عليه، واما بمعنى ½مع¼ كما في قوله تعالى: ﴿ وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حبهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتيمٗا وَاسِيرا ﴾ [الدهر: ٨]، والحب معلوم، و½الرضاع¼ بالفتح والكسر شرب الولد لبن امه، وفي كلام السلف كثرة الرضاع تفسد الطباع، ½وان تفطمه¼ عطف على ½ان تهمله¼، وهو مضارع من الفطم على صيغة الخطاب اي ان قطعته عن الرضاع ينفطم، وهو مضارع من الانفعال على صيغة الغيبة وضميره راجع الى الطفل، والمعنى ان الطفل يقبل الانقطاع بسهولة، وحاصله انه لو لم يقطع الرجل ولده عن ثدي امه لغاية محبته لطفله فرضع الطفل ثلاث سنين مثلا كما هو مذهب بعض الفقهاء، ثم لو ترك على حال شب ذلك الطفل على حبه الى بلوغه، ثم وثم الى شيخوخته حتى لو لم تعطه امه ثديها لَلَطم امه لطما شديدا لانّ الله تعالى خلق في لبن ثدي الام لذة جميع الاطعمة والاشربة، فاذا لم تعطه اياه، يلطم امه حتى يهلكها، فالنفس كذلك حتى لو لم تقطع عن المعاصي شبت على المعاصي، والفت بها وتكون ملذة لها فتزداد كل يوم لذتها بازدياد المعاصي فتهلك صاحبها حتى تكون سببا لسلب الايمان معاذ الله تعالى، فان قلت: ان ما في هذا البيت من التشبيه اردى التشبيهات لانّهم قالوا: اذا كان التشبيه على وجه ليس فيه شيء ينبئ عن التشبيه يكون استعارة، وهي احسن التشبيه بلاغة وفصاحة، واذا كان على وجه ذكر المشبه والمشبه به فقط يكون تشبيها بليغا، فهو ادنى من الاستعارة، واذا ذكر فيه المشبه والمشبه به واداة التشبيه ووجه الشبه يكون اردى وارذل من التشبيه البليغ، فهو عند البلغاء كهدير حمام وصرير باب مخل بالفصاحة، فما وقع هاهنا من هذا القبيل لانّه ذكر فيه المشبه وهو النفس، والمشبه به هو الطفل، واداة التشبيه وهو الكاف، ووجه الشبه وهو الشب على حب شيء على تقدير الاهمال وقبول الانفطام على تقدير الفطم، والناظم الفاهم مع كونه افصح الفصحاء ذهب هنا الى هذا التشبيه، فما وجهه؟ قلت: ذهَابه الى هذا الطريق ليكون المقام اقرب الى فهم المرام ولشدة حرصه على طريق الافهام كما لايخفى على العلماء الكرام والفضلاء الفخام.