عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

١٤٢   اطَعْت غَيَّ الصِّبا فِي الْحالَتيْنِ وَمَا        حصَّلْت الا عَلَى الاثامِ وَالنَّدمِ

 

لمّا استفيد من السابق ان اشتغاله بالشعر والخدم كان في بعض عمره. اراد بيانه مع بيان سبب اشتغاله وعدم تحصيله شيئا من المحاسن فقال: ½اطعت غي الصبا... الخ¼، ½اطعت¼ اي: اتبعت. و½غي الصبا¼ بالنصب مفعول ½اطعت¼، و½الغي¼ بتشديد الياء بمعنى الغواية والضلالة، و½الصبا¼ بكسر الصاد وقت الصباوة والمراد من غيّ الصبا الاغترار بالاباطل والالتذاذ بالتمائيل والركون والميل الى العاجل وترك النظر في الامر الاجل. و½في الحالتين¼ متعلق بـ½اطعت¼ او ظرف مستقر صفة لـ½غي الصبا¼ اي: الحاصل في الحالتين والمراد من الحالتين الشعر والخدم واستفيد من هذا المصراع ان المقدم والباعث الى الاشتغال بالشعر والخدم اوان الصباوة والشباب فتامل. و½الواو¼ في ½وما حصلت¼ للحال و½ما¼ نافية، و½حصلت¼ بالتشديد من حصل على كذا اي: بقي عليه فالمعنى ما بقيت منهما على شيء و½الا¼ للاستثناء و½الاثام¼ جمع اثم، وهو الذنب و½الندم¼ بفتحتين الندامة، والمراد به ما يترتب عليه الندامة والا فالندم نفسه توبة، وهي موجبة للنجاة قيل: في البيت لف ونشر مرتب اذ الاثام ناظر الى الشعر والندم ناظر الى الخدم.

وحاصل معنى البيت: انّي وافقت وما خالفت ضلالة الصباوة والشباب في الاستعمال بالشعر والاشتغال بالخدمة، وتضييع العمر بهما والحال اني ما حصلت وما بقيت الا على المعاصي والندامة والتحسر والتحزن.

 

١٤٣   فَيَا خسَارةَ نَفْسٍ فِيْ تجارتهَا         لَمْ تشْتر الديْنَ بالدنْيَا وَلَمْ تسُمِ

 

لمّا بين كون نفسه ثابتة على الاثام والاوزار غير محصلة لما ينفعها يوم الفرار اراد اظهار التحسر والندامة عليها فقال: بـ½الفاء التفريعية¼: ½فيا خسارة نفس... الخ¼، كلمة ½يا¼ للندا. و½خسارة¼ بالنصب منادى مضاف الى النفس ونداء الخسارة مجاز؛ لانّ الخسارة لا يتاتى منها الاقبال والمعنى على المبالغة في شدة التحسر كانه نادى الخسارة وقال تعالى: ﴿ يَٰحسۡرةً ﴾ [يس: ٣٠] فهذا اوانك قال ابن الشيخ في سورة يس، النداء في مثل هذا المقام: يكون لمجرد التنبيه انتهى. و½الخسارة¼ اصابة الضرر الغير المقصود من التجارة.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310