في هذا البيت ايماء الى قوله عليه السلام: انتدب الله لمن خرج في سبيله.[1] ومعنى الحديث، من خرج وقصد الى الجهاد في سبيل الله طلبا لمرضاة الله تعالى كان الله ضامنا وكفيلا لمغفرة ذلك العبد او سارع الله الى ايفاء مقابلة جهاده بالمثوبات او اوجب الله ان ينجز له ما وعده من الجنة والحور والغلمان.
وحاصل معنى البيت: ان اولئك الابطال المهرة يسطون في ابطال اهل الضلال كل مجيب لدعوة ربهم الكبير المتعال مع الرغبة والميل اليه في الغنى والعيلة ومجتهد في اخلاص النية بلا اعراض ولا خوف من المنية مع الاحتساب الى مرضاة الله بلا غرض غير رجاء مثوبات الله يسطو ويحمل كلهم بالات قوية مستاصلة للكفرة الدنية وباسلحة مهلكة لاهل الفساد ومطهرة وجه الارض من اهل العناد.
١٢٥ حتى غَدت مِلَّةُ الاسْلامِ وَهْيَ بهِمْ مِنْ بعْد غُربتهَا مَوْصُوْلَةَ الرحمِ
لَمَّا بين كون النبي عليه الصلاة والسلام موردا للجنود الكاملة والكتائب المقاتلة وبعض اوصاف ابطال جنوده واحوال شجعان جيوشه كان مظنة ان يسال عن ثمرة جهادهم وفائدة قتالهم وصمادهم فقال دفعا لذلك الظن ومبينا لثمرة ذلك الفن: ½حتى غدت... الخ¼، كلمة ½حتى¼ اما غاية لـ½يجر¼ او لـ½يسطو¼، والتخصيص بالاول تخصيص بلا مخصص كما لايخفى. و½غدت¼ بمعنى صارت، و½ملة الاسلام¼ بالرفع اسم ½غدت¼، واضافة الملة الى الاسلام بيانية اي: ملة هي الاسلام من قبيل شجر الاراك. واعلم ان الدين والشريعة والملة والناموس متحدة بالذات ومتغايرة بالاعتبار اذ الطريقة المخصوصة الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام تسمى من حيث الانقياد لها ½دينا¼، ومن حيث يردها الواردون المتعطشون لزلال نيل الكمال ½شرعا وشريعة¼، ومن حيث تملى وتكتب او تجتمع عليها الناس للقبول ½ملة¼ من الاملال بمعنى الاملاء او من امل بمعنى اجتمع، ومن حيث لها ملك اسمه ناموس. وقوله: ½وهي بهم¼ ½الواو¼ للحالية، و½هي¼ مبتدا. و½بهم¼ ظرف مستقر خبر المبتدا، وضمير هي راجع الى الملة اي: والحال انها منصورة