الكمال ½همة الرجال تهدم الجبال¼، وفي هذا البيت تلميح الى قوله تعالى: ﴿ وَرٰوَدتۡهُ ٱلَّتي هُوَ فِي بيۡتهَا عَن نَّفۡسِهِۦ ﴾ [يوسف: ٢٣]، وايماء مليح الى مزية فضيلة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم على يوسف عليه السلام من وجوه لانّ المراودة ليوسف عليه السلام كانت لحسنه الغير الاختياري ولانّها كانت هناك على ما حرم الله تعالى ولانّها كانت هناك من ذي عقل تتصور المراودة منه ولانّ يوسف عليه السلام اختار في الدنيا ما يزيد في اللذة، واما المراودة لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم فوقعت لخلقه الاختياري وعلى ما اباحه الله تعالى ومن جماد لا تتصور الراودة منه، وانه عليه السلام ما اختار لذة الدنيا مع انه تعالى قال له عليه السلام: لا حساب لِما اخذته من الدنيا، فعلى هذا يكون في هذا البيت استعارة تمثيلية بان تشبه الهيئة المنتزعة من الجبال ومراودتها عن نفسه عليه السلام وعدم ميله عليه السلام اليها بالهيئة المنتزعة من زليخا ومراودتها عن نفس يوسف عليه السلام وعدم ميله اليها في الطلب المطلق، فاستعير الهيئة المنتزعة من المشبه به للهيئة المنتزعة من المشبه، فذكر المراودة الدالة على مراودة زليخا واريد مراودة الجبال، وقال الشارح الشبراخيتي: ان الاشم من الشمم وهوالانف ومعناه طلبت الجبال التي هي اولو انف ميل نفسه عليه السلام اليها يعني: ان الجبال انحنت واطالت انفها اي: طرفها الذي كالانف في الانسان الى النبي عليه السلام فما مال اليه اصلا بل اظهر الترفع والاستغناء.
٣٢ وَاكَّدت زهْدهُ فِيْهَا ضَروْرتهُ انَّ الضَّروْرةَ لا تعْدوْ عَلَى الْعِصَمِ
لمّا توهّم المتوهّم ان ضرورته واحتياجه يكون مانعا لعبادته وزهادته دفعه فقال: ½واكدت زهده... الخ¼، الواو عاطفة او ابتدائية، و½اكدت¼ من التاكيد، والتاكيد والتوكيد هو التقرير والتثبيت، و½الزهد¼ قلة الرغبة في الشيء، وفي الاصطلاح: الاعراض عن الدنيا وترك راحته، روي ان رسول الله عليه السلام كان مضطجعا على سرير مفروش بشيء خفيف رطب اخضر وتحت راسه وسادة من اديم مملوءة بليف، فدخل عليه عمر رضي الله تعالى عنه مع جماعة من الصحابة فانحرف النبي عليه السلام فراى عمر اثر الفراش في جنبه عليه السلام فبكى فقال عليه السلام: ما يبكيك يا عمر؟ فقال: فكيف لا ابكي ان كسرى و قيصر يتنعمان فيما يتنعمان فيه من الدنيا وانت على هذه