والجملة معطوفة على القريب او البعيد، و½المراودة¼ المطالبة بالجد والاشتهاء وصيغة المفاعلة اذا لم تكن للمغالبة فهي للمبالغة، وضمير المفعول راجع اليه صلى الله تعالى عليه وسلم او ½المراودة¼ بمعنى المجيئة و½الجبال¼ بالرفع فاعل ½راودت¼ وهي جمع جبل، و½الشم¼ بضم الشين جمع اشم بمعنى الرفيع غاية الرفعة وهي صفة الجبال اي جاءت الجبال الرفعية او طلبت الجبال الرفيعة، و½من ذهب¼ صفة الجبال او حال منها والالف واللام في الجبال للعهد؛ اذ الجبال التي راودت الرسول عليه السلام خمسة جبال في حوالي "مكة المكرمة" اعني: "جبل ابي قبيس" و"جبل حرا" و"جبل ثور" و"جبل بطحاء" و"جبل عرفات"، و½عن نفسه¼ متعلق بـ½راودته¼ بتضمين معنى الميل يعني: ان الجبال الرفيعة المنقلبة الى الذهب طلبت النبي عليه الصلاة والسلام مائلة لنفسه عليه الصلاة والسلام، والفاء للتعقيب بلا تراخ، و½ارى¼ ماض من الاراءة فاعله راجع الى النبي عليه السلام وضمير المفعول راجع الى الجبال، ومفعوله الثاني محذوف اي: ارى رسول الله عليه السلام الجبال حين عرضت نفسها عليه شمما واستغناء، ½ايّما شمم¼ و½ما¼ زائدة وقيل: صلة للتاكيد، و½ايّ¼ صفة موصوف محذوف هو مفعول ثان لـ½ارى¼، و½ايّ¼ يفيد في هذا المقام معنى الكمال لانهم قالوا: ان ½اي¼ كان مضافا الى ما هو من جنس الموصوف فهو يفيد الكمالية، كما تقول: ½رايت رجلا ايَّ رجلٍ¼ اي: كامل في الرجولية، والمعنى شمما واستغناء في غاية الاستغناء وكمال الارتفاع.
وحاصل المعنى: ان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اعرض عن الدنيا واقبل على المولى واثر متاعب الفقر الظاهري على مناصب الغنى حتى ان الجبال الشامخة عرضت نفسها عليه ومالت غاية الميل اليه رجاء ان يوقع النظر عليها فترفع عن الالتفات اليها. وفي هذا البيت اشارة الى ما روي ان جبرائيل عليه السلام نزل عليه فقال: ان الله يقرؤك السلام ويقول لك: اتحب ان اجعل هذه الجبال ذهبا وتكون معك اينما كنت؟ فتوقف ساعةً فقال: يا جبرائيل! ان الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له قد يجمعها من لا عقل له فقال له جبرائيل عليه السلام: ثبتك الله يا محمد بالقول الثابت، وفي هذا الحديث برهان شاف وبيان كاف على فضل الفقير الصابر على الغني الشاكر كما اجتمعت عليه الساداة السنية والطائفة الصوفية، والى هذا المقام اشار من قال من ارباب