الله تعالى عليه وسلم يبيت هو واهله في الليالي المتتابعة طاويا لا يجدون عشاء الطي بمعنى الجوع لكن الانسب لهذا المقام كونه بمعنى اللف كما لايخفى واذا كان بمعنى اللف يكون المراد هاهنا تداخل الجسد بعضه في بعض لانتهاء الجوع الى حد الكمال، وقوله: ½تحت الحجار¼ ظرف لـ½طوى¼ بتضمين معنى الوضع، و½كشحا¼ بالنصب مفعول طوى، و½الكشح¼ بالفتح والسكون ما بين الخاصرة والضلع و½مترف¼ بالنصب حال من الكشح وهو اسم مفعول من الاتراف بمعنى النعومة، فالمراد من المترف المفرط في النعومة واللطافة و½الادم¼ بفتحتين جمع اديم، وهو بمعنى الجلد، واضافة المترف اليه من اضافة الصفة الى موصوفها اي: الجلد الناعم اللين.
وحاصل المعنى: اني سهرت وتركت سنة الذات الفخيم والنبي الحليم المخلص الصفي الذي عقد بطنه الشريف اللطيف لاظهار جوعه الى الاصحاب ليستنوا به ووضع خاصرته اللطيفة الناعمة الجلد تحت الحجارة المقبولة المباركة لتدفع برودة الحجر عنه عليه الصلاة والسلام حرارة الجوع.
وحاصل معنى البيت: اما كناية عن مبالغة رياضته عليه السلام لانّه عليه الصلاة والسلام كان في اكثر اوقاته دائم الجوع حتى قالت عائشة رضي الله تعالى عنها :بكيت لما رايت به من الجوع وشدة السغب، فقال: يا عائشة! والذي نفسي بيده لو سئلت ربي ان يجري معي جبال تهامة ذهبا لاجراها حيث شئت من الارض ولكن اخترت الجوع في الدنيا على شبعها وفقر الدنيا على غنائها وحزن الدنيا على فرحها يا عائشة! انّ الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لال محمد[1] الحديث، وفي حديث اخر قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: عرض علىّ ان يجعل "بطحاء مكة" ذهبا فقلت: لا يارب اجوع يوما واشبع يوما فاما اليوم الذي اجوع فاتضرع اليك وادعوك واما اليوم الذي اشبع فاحمدك واثني عليك[2]، وفي "الرسالة القشيرية" ½ان فاطمة رضي الله عنها جاءت بكسرة خبز لرسول الله عليه السلام فقال: ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبزة ولم تطب نفسي حتى اتيتك بهذه الكسرة فقال: اما انّه اول