٢٧ امَرتكَ الْخيْر لَكِنْ مَا ائْتمَرت بهِ وَمَا اسْتقَمْت فَمَا قَوْلِيْ لَكَ اسْتقِمِ
لمّا كان عدم عمله في قوله غير معلوم بينه بقوله: ½امرتك الخير... الخ¼، قال شيخ زاده: انما ترك العاطف بين قوله: ½امرتك¼ وبين قوله: ½نسبت¼ لانّ بينهما كمال الاتصال لانه تفسيره وبيانه، والامر صيغة تدل على طلب الفعل استعلاء، فان قيل: لم خص الامر بالذكر دون النهي، وقد سبق منه امر ونهي قلنا: اراد بالامر ما يعمهما كما يقال: امر السلطان ان لا يؤذي احد احدا، ½والخير¼ بالنصب من قبيل الحذف والايصال اي: بالخير، ½والخير¼ ماله عاقبة حميدة ولَمَّا كان قوله: ½امرتك الخير¼ موهما انّه عمل به؛ لانّه لازم له في الشرع استدرك، وقال: ½لكن ما ائتمرت به¼، والائتمار لازم وهو قبول الامر ½وما استقمت¼ عطف على ½ما ائتمرت¼، والاستقامة دوام قيام العلم والعمل بلاترك، وانّما نفى الاستقامة لانّها امر عظيم، ولذا قال عليه السلام: شيبتني سورة هود[1] كما روي عن بعض الصلحاء انه قال: رايت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في النوم فقلت له: روي عنك انّك قلت: شيبتني سورة هود، فقال: نعم! فقلت: فما الذي شيبك منها ا قصص الانبياء ام هلاك الامم؟ قال عليه السلام: لا، ولكن قوله: ﴿ فَٱسۡتقِمۡ كَمَآ امِرۡت ﴾ [هود: ١١٢]، وذلك لانّ حقيقة الاستقامة هي الوفاء بالعهود كلها، وملازمة الصراط برعاية حد التوسط في كل الامور من الطعام والشراب واللباس وفي كل امر ديني ودنيوي ترغيب وترهيب وذلك هو الصراط المستقيم في الاخرة والتمشي على هذا الصراط الذي يقال له: الاستقامة الاعتدالية عسير جدا كما قال: في "بحر العلوم": الاستقامة على جميع حدود الله على الوجه الذي امر الله بالاستقامة عليه مما يكاد يخرج عن طوق البشر ولذلك قال عليه السلام: شيبتني سورة هود، فكل من كان اتمّ معرفة كان اتمّ استقامة، وقال "ابو علي الجرجاني": كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة، فان نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربك يطلب منك الاستقامة، فالكرامة الكبرى الاستقامة في خدمة الخالق لا باظهار الخوارق، وقيل لبعض الاولياء: فلان يمشي على الماء فقال: وكذلك الضفدع والسمك ثم قيل: فلان يطير في الهواء،