٥٠ وَكَيْفَ يُدركُ فِي الدنْيَا حقِيْقَتهُ قَوْمٌ نِيِامٌ تسَلَّوْا عَنْهُ بالْحلُمِ
لَمَّا بيَّن العجز عن ادراك كمالاته عليه السلام بالغ فيه مع الاشارة الى علة ذلك العجز فقال: ½وكيف يدرك في الدنيا... الخ¼، وفي بعض النسخ وقع بالفاء فيكون تفريعا لِما تقدم، وفي بعضها بالواو فتكون عاطفة، و½كيف¼ ظرف ½يدرك¼ قدم عليه لصدارته لانه كلمة استفهام، والاستفهام لانكار الوقوع و½يدرك¼ مضارع معلوم من الادراك، والادراك بمعنى: مطلق التصور او بمعنى الاحاطة بجوانب المرئي، قال بعضهم: اول مراتب وصول العلم الى النفس، الشعور، ثم الادراك، ثم الحفظ، وهو استحكام العقول في العقل، ثم التذكر، وهو محاولة النفس في استرجاع مازال من المعلومات، ثم الذكر، وهو رجوع الصورة المطلوبة الى الذهن، ثم الفهم، وهو التعقل، ثم الفقه، وهو العلم بغرض المخاطب، ثم الدراية، وهي المعرفة الحاصلة بعد ترتيب مقدمات، ثم اليقين، ثم الذهن، وهو الاستعداد لكسب العلوم الغير الحاصلة، ثم الفكر، ثم الحدس. و½في الدنيا¼ متعلق بـ½يدرك¼، وانما قيد عدم الادراك بالدنيا لان استتار حقيقة المحمدية واختفاء كمالاته الاحمدية مخصوص بالدنيا لان في الاخرة تظهر مراتب كل واحد، ولذا يرى المؤمنون في الاخرة ربهم بغير كيف ومكان ولذا قال صاحب الامالي: ½ يراه المؤمنون بغير كيف¼ لان في الاخرة تبدل الاعيان الى حالة اخرى، ولذا قال بعض العارفين: وانما امتنع رؤية الله تعالى في الدنيا الفانية لان الباقي لايرى الا بالعين الباقية وقوله: ½حقيقته¼ بالنصب مفعول ½يدرك¼، وضميره راجع اليه عليه الصلاة والسلام وحقيقة الشيء كماله الخاص به يقال: حقيقة الله، ولايقال: ماهية الله لايهامها معنى التجانس. وقوله: ½قوم¼ بالرفع فاعل ½يدرك¼ و½القوم¼ اسم لجماعة الرجال خاصة لانهم القوامون بامور النساء فاللفظ مفرد بدليل انه يثنى ويجمع، واختصاص القوم بالرجال دون النساء صريح في قوله تعالى: ﴿ لَا يَسۡخرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ ان يَكُونُوا خيۡرا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ ﴾ [الحجرات: ١١]، وقول زهير: ع اقوم ال حصن ام نساء . واما في مثل هذا المقام، فذكر الذكور وترك النساء لانهن توابع لرجالهن فيكون تغليبا، ثم اعلم! ان في القوم ثلاثة اقوال: احدها: انه اسم جمع، وثانيها: انه جمع لا واحد له من لفظه، وثالثها: انه جمع له واحد من لفظه كما