عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

لخشيت عليكم ما هو اعظم من ذلك العجب العجب[1]: قوله: ½محضتني النصح... الخ¼، وهو بصيغة الخطاب خطاب لمن يلومه في العشق المجازي، وهو من التمحيض، والتمحيض كالامحاض جعل الشيء محضا اي خالصا وصافيا عمّا لا ينبغي، و½النصح¼ منصوب على انّه مفعول ثان له اي: جعلت لي النصيحة محضا خالصا بحيث لا يَشُوْبها غرض من الاغراض الفاسدة والاراء الكاسدة، و½النصح¼ النصيحة، وهو اراءة الخير للغير، وكلمة ½لكن¼ للاستدراك: وهو دفع توهم نشا من الكلام السابق لانّه لمّا قال: ½محضتني النصح¼ تولّد منه توهّم بانّك هل انتصحت بنصحه؟ فدفعه فقال: ½لكن لست... الخ¼ هضما لنفسه والا فلم يكن في الناظم الفاهم عشق مجازي حتى يتركه بنصح ناصح؛ لانّ عشقه حقيقي لانّه للنبي عليه السلام وقوله: ½لست اسمعه¼ بمعنى لم التفت اليه بطريق المجاز التبعيّ بان يشبه الالتفات بالاسماع في توجه القلب فذكر الاسماع واريد الالتفات، ثمّ اشتق من الالتفات ½التفت¼، ومن الاسماع ½اسمع¼، فشبه التفت بالعلاقة التي في مصدرهما بـ½اسمع¼، فذكر ½اسمع¼ واريد التفت وقوله ½ان المحب...الخ¼ علة لعدم السماع، فالتقدير لانّ المحب، فحذف الجار لكونه قياسيا كقوله تعالى: ﴿ عَبسَ وَتوَلَّىٰٓ 1 ان جآءَهُ ٱلۡاعۡمَىٰ﴾ [عبس: ١-٢] والالف واللام في ½المحب¼ للاستغراق اي كل محب، فان قلت: اللام الداخلة على اسم الفاعل والمفعول بمعنى الذي فكيف يكون اللام هاهنا للاستغراق؟ قلت: اللام الداخلة عليهما ليست بمعنى الذي مطلقا بل انما تكون بمعناه اذا كان الفاعل والمفعول بمعنى الحدوث نحو الضارب والمضروب بمعنى الذي ضرب، واما اذا كان بمعنى الثبوت كالواجب والمؤمن وغيرهما فلا يكون كذلك بل يكون حكمه حكم الصفة المشبهة، والالف واللام فيه للتعريف، وما وقع هاهنا من هذا القبيل، فاحفظ هذا، و½المحب¼ منصوب على انّه اسم ½ان¼، فان قلت: ما النكتة في نصب ان اسمه ورفعه خبره ولِمَ لَمْ يجعل الامر بالعكس؟ قلت: تفصيله انه لمّا صار عاملا فلا يخلو اما ان يرفع المبتدا والخبر معا او ينصبهما معا او يرفع المبتدا وينصب الخبر، او ينصب المبتدا ويرفع الخبر، والاوّل باطل لانّ الخبر والمبتدا كانا قبل دخول ½انّ¼ عليهما مرفوعين، فلو بقيا كذلك بعد دخول ½ان¼ عليهما


 



[1]     "كشف الخفاء"، حرف اللام، الحديث: ٢١١٩، ٢/١٤٧.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310