عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

والذهن واحد بالذات الا انه اذا كان مدركا يسمى عقلا، واذا كان متصرفا يسمى نفسا، واذا كان مستعدا للادراك يسمى ذهنا، ثم اعلم! ان العقل له معان: منها جوهر مجرد متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف، قال التفتازاني: هذا ما قيل: جوهر ليس بجسم ولا جسماني، ومنها قوة للنفس الانسانية بها يتمكن من ادراك الحقائق، ولعل هذا ما قالوا: قوة للنفس بها تستعد للعلوم والادراكات، ومنها: القوة الغريزية التي يلزمها العلم بالضروريات ونفس العلم بذلك، ومنها: قوة مميزة بين الامور الحسنة والقبيحة، ومنها: هيئة محمودة للانسان، ومنها: قوة للنفس بها تنتقل من الضروريات الى النظريات، ومنها: جوهر مجرد عن المادة في ذاته مقارن لها في فعله، وهي النفس الناطقة التي يشير اليها كل احد بقوله: انا، ثم اختلف في محل العقل، فقيل: نور في بدن الادمي، وقيل: في الراس ونوره في القلب، وقيل: في القلب واشراقه في الدماغ. ثم اعلم! ان الحكماء اثبتوا العقول العشرة، وسموا جبريل بالعقل العاشر، والعقل الفعال، وقالوا: انه خلق العالم الاصغر من السطح المقعر لفلك القمر من العناصر الاربعة والمواليد الثلاثة وزعموا انه لا يصدر من الواحد الا واحد، وكله كذب، وتفصيل قواعدهم في علم الحكمة. وقوله: ½به¼ متعلق بـ½تعي¼، والضمير راجع الى الموصول، وقوله: ½حرصا¼ بالنصب مفعول له او حال اي: ذا حرص، و½على¼ متعلق بـ½الحرص¼، و½الحرص¼ شدة الرغبة في الشيء والميل اليه وصرف الهمة له: والفاء في ½فلم نرتب¼ نتيجة، فما قبله من المقدمات ينتج هذا المطلوب، فترتيب قياسه هكذا ان نبينا عليه الصلاة والسلام لم نرتب به ولم نهم لانه عليه الصلاة والسلام لم يمتحنا بما تعي العقول به، ومن امتحننا بما تعي العقول به نرتاب ونهيم به، ينتج من الشكل الثاني عين المطلوب، وترتيبه من الشكل الاول سهل لمن هو اهل. و½نرتب¼ من ارتاب بمعنى: شك. و½نهم¼ مضارع من هام اذا تحير كقوله:

كل البلا بل في افصاح خصلته             سحبان هام به ما فاز بالزمل

وحاصل معنى البيت: انه عليه السلام لم يختبرنا، ولم يبتلنا، ولم يحملنا على تعب ومحنة باتيان شريعة تعجز عنها العقولة، ولم يكلفنا شيئا من التكاليف الشاقة كما كان في امم قبلنا، مثل تعيين القصاص في العمد والخطا وحرمة الدية، وقطع الاعضاء الخاطئة، وقرض موضع النجاسة، وقتل النفس في التوبة، وقطع الثوب المتنجس


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310