وسلم هذه المعجزة اعني: احياء الموتى بعد وفاته ببركة اسمه حين يدعى الله تعالى كما اعطى سائر المعجزات؟ قلت: لو اعطها ايضا لكان ايمان المؤمنين بعد عصر سعادته عليه الصلاة والسلام ايمانا بالمشاهدة وايمان الغيب اولى من الايمان بالمشاهدة كما لايخفى. ومن فهم من هذا البيت ان مراد الناظم ان احياء الموتى لم يعط له عليه الصلاة والسلام اصلا فقال: معترضا على الناظم ان هذا البيت مخالف لما سياتي من قوله: وكل اي اتى الرسل اهـ ؛ اذ يفهم منه ان احياء الموتى اعطي اليه عليه السلام اذ كان ذلك معجزة لعيسى عليه السلام وهذه المعجزة اتصلت الى عيسى عليه السلام من نور نبينا عليه الصلاة والسلام انتهى. فقد خبط خبطَ عَشْوَاءَ وركِب مَتن عَمْياءَ اذ ليس مراد الناظم انه لم تعط له عليه السلام هذه المعجزة اصلا بل مراده ان تلك المعجزة لم تعط له عليه السلام بعد وفاته الى يوم القيامة، والا فهو عليه السلام جامع لجميع المعجزات التي ظهرت في ايدي سائر الانبياء مع معجزات خاصة به عليه الصلاة والسلام، وان كنت في ريب مما ذكرناه فانظر الى ما ذكر في "دلائل النبوة" من انه مات في زمانه عليه السلام فتى من الانصار فزمله من في اطرافه، فجاءت امه الضعيفة العمياء، فاخبروها بموته، فقالت: اللهم ان كنت تعلم اني هاجرت اليك والى نبيك رجاء ان تغيثني في كل شدة فلا تحمل عليَّ هذه المصيبة بحرمة نبيك، فبعد هذا الدعاء كان ابنها الميت حيا فكشف وجهه، فقام واكل الطعام مع الحاضرين. وكذا ما روي ان جابر ابن عبد الله دعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دعوة فذبح له غنما فجاء ابنه الكبير، فسال من اخيه الصغير قائلا كيف ذبح ابونا الغنم؟ فقال الغلام الصغير له: جئ حتى اريك، فاطاعه الغلام الكبير، فشد يديه ورجليه، فاخذ السكين وذبحه، فذهب براسه الى امه، فبكت امه، فخاف الغلام منها ففر وصعد السطح، فمرت امه من خلفه، فرمى الغلام نفسه من السطح، فمات، فصبرت امهما على هذه المصيبة فلفتهما في خرقة وحفظتهما في البيت، وشرعت في طبخ الطعام، فلما جاء الرسول عليه الصلاة والسلام حضروا الطعام، فنزل جبرائيل فقال له عليه السلام امر الله تعالى لك ان تاكل هذا الطعام مع ابني جابر، فاعلم رسول الله عليه الصلاة والسلام جابرا فجاء جابر الى زوجته فسالها فقالت: ليسا بحاضرين هنا، فجاء جابر اليه عليه الصلاة والسلام فقال: انهما ليسا بحاضرين يارسول الله، فامر رسول الله تكرارا باتيانهما، فجاء جابر، فاقدم على