الذي هو من ملائم المشبه للسنة الشهباء، فكان استعارة مكنية وتخييلية، وعلى كلا التقديرين يكون اسناد ½احيت¼ الى ½دعوته¼ مجازا من اسناد الشيء الى سببه، اذ المحيي والمزيل في الحقيقة هو الله تعالى وضمير ½دعوته¼ راجع اليه عليه الصلاة والسلام، و½حكت¼ بمعنى شابهت كما في قوله:
ظلمناك في تشبيه صدغيك بالمسك وقاعدة الشبيه نقصان ما يحكي
والضمير المستتر فيه راجع الى السنة، وجعله راجعا الى الدعوة دعوى بلا دليل كما لايخفى على من له عقل قليل. و½الغرة¼ بالنصب مفعول ½حكت¼ و½الغرة¼ بياض قدر الدرهم في جبهة الفرس، و½في الاعصر¼ متعلق بـ½حكت¼، و½الاعصر¼ جمع عصر وهو الدهر والزمان، و½الدهم¼ بضمتين جمع ادهم، وهو بمعنى الاسود مثل ما في قول القبعثري: "مثل الامير يحمل على الادهم والاشهب" حين قال له الحجاج: لاحملنك على الادهم، ثم ان وجه الشبه في تشبيه السنة بالغرة قلة البياض يعني كما كانت الغرة بياضا قليلا في الفرس الاحمر والاسود كذلك كانت تلك السنة قليلة البياض اعني لخلوها من النبات او الحسن والضياء كما لايخفى على اولي النهى. وفي ½الاعصر الدهم¼ استعارة مكنية وتخييلية وترشيحية بان شبه السنون الجدباء في الذهن بالفرس في كونهما غير مقبولين، فاستعير ذلك الفرس لمفهوم تلك السنين، فذكر في الخارج ما يدل على تلك السنين، واريد تلك، ثم اثبات الغرة تخييل، وذكر الدهم ترشيح، والبيت اشارة الى ما روي عن انس انه قال: اصابت الناس سنة جدب على عهده عليه الصلاة والسلام، فبينما النبي عليه الصلاة والسلام يخطب في يوم الجمعة قام اعرابي فقال: يارسول الله! هلك المال وجاع العيال، فادع الله تعالى لنا، فرفع يديه وما نرى في السماء سحابا ولا قزعة، فو الذي بيده ما وضعهما حتى صار السحاب امثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رايت المطر يتحادر على لحيته، فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد ومن بعد الغد حتى الى الجمعة الاخرى، فقام رجل وقال: يارسول الله! هدم البناء وغرق المال فادع الله تعالى لنا، فرفع يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا[1] فما يشير الى ناحية من
[1] "صحيح البخاري"، كتاب الاستسقاء، باب الدعاء إذا كثر المطر حوالينا ولا علينا، الحديث: ١٠٢١، ١/٣٥٠.