عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

ثمَّ انتقل من المعجزة السابقة الى بيان معجزة اخرى مع المناسبة بين هذه المعجزة وتلك من وجوه، لان الغمامة كانت تسير مع النبي اين سار واطاعت له عليه السلام، وكذلك الاشجار كانت مطيعة ومنقادة له عليه السلام تذهب الى اين امر، ولان الغمامة كانت تظلل النبي عليه السلام من حر الشمس كذلك الاشجار كانت تظلل النبي عليه السلام كما روي في الاحاديث الصحيحة انه عليه السلام اذا نام في الصحراء كانت تجيء اليه الاشجار وتظلله، ولان الغمامة سبب لانبات النباتات والاشجار وغير ذلك، فقال: ½مثل الغمامة... الخ¼، ½مثل¼ بالنصب على انه صفة مصدر محذوف اي: مجيئا مثل الغمامة او بالرفع على انه خبر مبتدا محذوف اي: هي الاشجار مثل الغمامة، و½الغمامة¼ بفتح الغين المعجمة بمعنى السحاب وحبط "العصام" حيث قال: الغمامة كالعمامة؛ لانهابكسر المهملة كذا في "القاموس" و½انّى¼ بفتح الهمزة بمعنى اين، اي:الى ايّ محل سار، او بمعنى كيف، اي: كيف سار النبي عليه السلام سواء سار راكبا او ماشيا سريعا او بطيئا، وعلى كلا التقديرين فهو ظرف لقوله المؤخر ½سائرة¼، و½سار¼ بمعنى ذهب، وضميره راجع اليه عليه السلام، و½سائرة¼ اما بالرفع على انه خبر مبتدا محذوف اي: هي سائرة، فتكون الجملة بيانا لحال الغمامة او منصوبة على انها حال من الغمامة، و½تقيه¼ بمعنى تحفظه، وضمير فاعله راجع الى الغمامة، وضمير مفعوله راجع الى النبي عليه السلام، والجملة اما حال او استيناف لبيان علة السير فيمكن ان يرتب لهذا قياس بان يقال: الغمامة تسير اين سار النبي، لان الغمامة كانت تظلل النبي وتقيه حر وطيس للهجير حمي، وكل شيء شانه كذا فهو تسير الى اين سار النبي، فينتج المطلوب، و½حر وطيس¼ بالنصب مفعول ثان لـ½تقي¼ لكن من قبيل الحذف والايصال اي: من حر وطيس، و½الوطيس¼ التنور لكنه مستعار لمعنى الشمس حيث شبه الشمس وقت الزوال بالتنور في شدة الحر، فاستعير التنور للشمس، فذكر التنور واريد الشمس. وقوله: ½للهجير¼ اللام للتوقيت، وهو ظرف مستقر صفة لـ½وطيس¼ او ظرف له او ظرف للحر، و½الهجير¼ بمعنى نصف النهار عند اشتداد الحر يقال: الهجير يبس النبت والحوض. و½حمي¼ فعل ماض، وسكون اخر عارض في الوقف، وهو صفة لـ½وطيس¼، و½الحمي¼ بمعنى اشتد الحر يقال: حمي النهار بكسر العين اذا اشتد حره.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310