عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

وكتب الكاتب، وسجله، فلم يبق لذلك المخاطب مجال الى الانكار، فاقر بتلك الدعوى بالتصديق والاقرار، فقال: ½نعم... الخ¼. فـ½نعم¼ حرفُ تصديقِ مُخبر بعد قول القائل: ½قام زيد¼، واعلامِ مُسْتخبر بعد قوله: ½ا قام زيد؟¼ ووعد طالب بعد قوله: ½افعل¼ او ½لاتفعل¼، وهاهنا من قبيل الثاني، والفرق بينه وبين ½بلى¼ ان ½نعم¼ حرف تصديق لكن يقع تصديقا للايجاب والنفي في الخبر والاستفهام جميعا، و½بلى¼ يختص بالنفي خبرا و استفهاما على معنى انّها انما تقع تصديقا للمنفي على سبيل الايجاب، ولا تقع تصديقا، ولهذا لو قال القائل: ½بلى¼ كان مؤمنا في جواب ﴿ الَسۡت بربكُمۡۖ﴾ [الاعراف: ١٧٢] لانه في قوة ½بلى! انت ربنا¼، ولو قال القائل: ½نعم¼ فيه لكان كافرا؛ لانه في قوة ½نعم! لست بربنا¼، وقد نظمه بعضهم:

بعْد نَفْيٍ قُلْ ½نَعَمْ¼، ½لا¼ بعْد ايْجاب، كَذا        بعْد ايْجاب ½نَعَمْ¼ لا بعد ايجاب ½بلى¼[1]

  وجملة ½سرى¼ استينافية لانّه لمّا اقر بالعشق واعترف بالشوق كانّ سائلا قال: كيف كان الحال؟ فقال: ½سرى... الخ¼، وهو من السري، وهو مختص بالسير ليلا كما في قوله تعالى: ﴿ سُبۡحٰنَ ٱلَّذيٓ اسۡرىٰ بعَبۡدهِۦ لَيۡلٗا ﴾ الاية، [الاسراء: ١] لايقال: لا نسلم ان ½اسرى¼ في الاية السير ليلا، كيف وكونه في الليل ماخوذا من قوله: ﴿ليلا﴾ والا لكان مستدركا لانّا نقول: ذكر المفسرون ان ½اسرى¼ هو السير ليلا وذكر ﴿ لَيۡلٗا ﴾ بعده في الاية اشارة الى انّ السير كان في بعض الليل لا في كله، اذ تنوين ﴿ لَيۡلٗا ﴾ للتقليل، وسياتي تفصيله. و½الطَّيْفُ¼ الخيال، و½من¼ اسم موصول عبارة عن المحبوب ابهمه للتفخيم، و½اهوى¼ نفس متكلم من ½هَوِيَ يَهْوٰى¼، وضمير المفعول الراجع الى الموصول محذوف اي: اهواه واحبه،، و½الفاء¼ في ½فارقني¼ جواب شرط محذوف اي: لمّا جاء الىَّ خيال المحبوب ومحبة المعشوق فارقني، وفيه التفات من الخطاب الى التكلم[2] على عكس ما في المطلع. و½ارق¼ من التاريق، وهو التسهير والايقاظ من النوم، والنون فيه وقاية، والايقاظ من النوم اما على حقيقته لانّه اذا امتلا قلب المشتاق بخيال المحبوب


 



[1]     وحاصل الكلام ما في "كتاب الكليات" حيث قال: ½بلى¼  لا يأتي إلا بعد نفي و ½لا¼ لا يأتي إلا بعد إيجاب و½نعم¼ يأتي بعدهما. ("كتاب الكليات" لأبى البقاء الكفومي، ١/ ٣٤٧)

[2]  أي من الخطاب في البيت السابق إلى التكلم في هذا البيت. [علمية]




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310