عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

الصلاة والسلام: ما عبد اله في الارض ابغض على الله من الهوى[1]، وفي حديث اخر طويل وامّا المهلكات فثلاث شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه[2]، حكي عن ابراهيم بن شيبان انه قال: ما بت تحت سقف اربعين سنة، وكنت اشتهي عَدسا ولم يتفق لي، فوقتا حمل اليَّ عدس، فتناولته، فخرجت، فرايت قوارير، فظننته خلا، فقيل خمر وهذه الدنان ايضا خمر فصببتها، والخمار يتوهم ان فعلي بامر السلطان، فعند معرفة حالي حملني الى ابن طولون، فضربني مائتي خشبة، وطرحني في السجن، فبعد مدة شفع لي ابو عبد الله المغربي، فلما وقع بصره عليّ قال: ايّ شيء فعلت؟ فقلت: شبعة عدس ومئتي خشبة فقال: نجوت مجانا. وعن السَّريِّ ان نفسي تطالبني ثلاثين سنة او اربعين ان اغمس جزَرةً في دبسٍ، فما اطعمتها، وفي "رسالة القشيري" عن ابي تراب النخشبي: ما تمَنَّت نفسي من الشهوات الا مرة تمنت خبزا وبيضا، وانا في سفر فعدلت الى قرية، فاخذني اهل القرية، وقالوا: انه من اللصوص، فضربوني سبعين درة، ثم عرفوني، واعتذروا اليَّ فحملني واحد الى منزله، فقدم اليَّ خبزا وبيضا، فقلت لنفسي، كلي بعد اكل سبعين درة كذا في "الخادمي على الطريقة" حكي ايضا انه كان ملك عظيم السلطنة، وكانت عادته اذا جاء شهر رمضان يامر المداحين والملاحين بضرب الطنابير والمزامير في كل يوم بعد العصر الى المغرب لينتهي عليه هذ الوقت بالسرور، ولا يجد الم الجوع والعطش لان الصائم يجد في ذلك الوقت لاثر الصوم من الجوع والعطش نِكاية في قلبه، فلو مضى وقته بالسرور والغرور لا يجد الم الجوع والعطش، فمر عليه شيخ كامل، واطلع على الحال، فقال في نفسه: اني اذهب وارفع هذا المنكر، واوقظ الملك من الغفلة؛ لانّ هذا الوقت وقت الافطار، وهو وقت الرحمة والمغفرة فلا ينبغي للمسلم ان يشتغل فيه بالفعل الحرام مع ان دفع المنكر واجب على الانام، فدخل الشيخ الى بيت الملك فضرب المداحين، وكسر مزاميرهم وطنابيرهم، والملك كان على قصره ينظر اليهم فغضب من فعل الشيخ فامر الخدم باخذه، فاخذوه وجاءوا به امامه، فقال: يا شيخ! لم فعلت هذا الفعل الغير المناسب؟ فقال الشيخ: هذا منكر، ونحن


 



[1]     "روح المعاني"، الجزء الثالث والعشرون، سورة ص، الآية: ٨٨، صـ ٣٠٥.

[2]     "كنز العمال"، كتاب المواعظ، الباب الثاني، الحديث: ٤٣٨٦٠، ١٦/٢٠.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310