عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

التي تحرك الاعضاء فان محمودة فالهام، وان مذمومة فوساوس انتهى، وفي حديث انس ان الشيطان واضع خرطومَه على قلب ابن ادم فانْ ذكر الله تعالى خنس وانْ نسي التقم قلبه[1]، فان قلت: باي شيء يخلص من وسوسته؟ قلت: قالوا: سلاح المؤمن على الشيطان ستة: الاستعاذة، وكلمة الشهادة، والبسملة، وترك الطمع، وترك الامل، وترك الدنيا، وروي انّ قوما شكوا الى الحسن البصري من الشيطان قال: انّه خرج من عندي الان، ويشكو منكم، وقال: قل للناس يدعوا دنياي حتى ادع دينهم، والنافع الكثير في دفع وسوسته الاشتكاء الى الله والرجاء منه تعالى بحبسه وعدم اخراجه عليه؛ لانّه كلب مبين، والكلب يلتجا من شره الى صاحبه، فان قلت: انه وان لم يجب عليه تعالى شيء في افعاله لكن لا يخلو فعله عن حكمته، ولا شك انّ النفس والشيطان شر بديهيّ فما الحكمة في خلقهما وتسليطهما على الانسان؟ قلت: امّا الحكمة في خلق النفس في الانسان وعدم جعله مجردا كملائكة الرحمن فتفضيله بها على عامة الملائكة لان النفس فيها عوائق وموانع كالشهوات والغضب وسنوح الحاجات الضرورية الشاغلة عن اكتساب الكمالات، ولا شك انّ العبادة وكسب الكمال مع الشواغل والصوارف اشق وادخل في الاخلاص، وكل شيء شانه كذا فهو افضل، وان اردت تفصيل هذا البحث فعليك بالمطولات، واما الحكمة في خلق الشيطان ففيه مسلكان، اما المسلك الاول: فالقول بانّ لا اطلاع لنا على حكمة جميع فعله تعالى لانه لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون لانّها وان لم تظهر علينا فهي ظاهرة على الراسخين، واما المسلك الثاني: فبيان حكمته كما قال بعض العلماء: ان الحكمة في خلقه اختيار اوليائه من غيرهم اذ من يتبع عدوه يعني الشيطان ليس بوليه تعالى، وقال بعضهم: الحكمة عدم اغترار العابدين بعبادتهم، وبعضهم قال: الحكمة الاعتبار من حال الشيطان بسبب العصيان والانزجار عن الطغيان واعلام ضرر الكبر والعدوان على اهل الايمان والتفصيل في المطولات، وخاصية هذين البيتين: انه اذا كان شخص مصرا على معصية ونزعت نفسه الى عدم التوبة فليكتب هذين البيتين في صحيفة بعد صلاة الجمعة وليمحها بماء الورد وليشربه وليستمر جالسا مستقبل القبلة حتى يصلي العصر والمغرب والعشاء وهو ملازم على الابتهال والتضرع الى الله والصلاة


 



[1]     "الكامل" لابن عدي، الجزء الرابع، صـ ١٢٩.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310