لتوهم انه لم يصل الفرائض، ولم يصمها وهو بمعنى ولم اقم الصلاة سوى الفرض، والفرض في اللغة: التقدير والقطع، وفي الشرع: ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، وقوله: ½ولم اصم¼ عطف على ½لم اصل¼، ومفعوله محذوف بقرينة سابقة اي: لم اصم سوى فرض، والصوم في اللغة: الامساك، وفي الشرع: عبارة عن امساك مخصوص عن الاكل والشرب والجماع من الصبح الى المغرب، والفرضان في الموضعين صفة موصوف محذوف اي: صلاة فرض وصوم فرض، فان قلت: الاقامة بالفرض خير وفيه ثواب وله عاقبة حميدة فهلا ينافي هذا القول بقوله: ½لكن ما ائتمرت بالخير¼؟ قلت: تنوين فرض للتقليل، والمراد انى ما قمت بحق العبودية حق القيام بزيادة النوافل في الليالي والايام والصلاة والصوم المفروضان دينيان كانه لم يجعلهما معتدا بهما في جنب الامتثال لقوله تعالى: ﴿ وَمَا خلَقۡت ٱلۡجنَّ وَٱلۡانسَ الَّا لِيَعۡبدونِ ﴾ [الذاريات: ٥٦].
وحاصل معنى البيت: ما جعلت شيئا من النوافل زاد السفر قبل الفوت ولاتهيات للوصول الى مراتب الكمال قبل الموت، واقتصرت من قصور همتي على فرض الصلاة والصيام، وما قمت بحق العبودية حق القيام بزيادة النوافل كما زاد السلف كما نقل ان الجنيد كان يدخل كل يوم حانوته ويرسل الستر ويصلي اربع مئة ركعة ثم يعود الى بيته، وعن ابي عبد الله بن خفيف انّه كان يقول: ربما كنت اقرا في ابتداء امري في ركعة واحدة عشرة الاف مرة ﴿ قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ احد ﴾، وربما كنت اقرا في ركعة واحدة القرانَ كلَّه، وربما كنت اصلي من الغداة الى العصر الف ركعة، وفي بعض الكتب قال شريك: كنت مع ابي حنيفة رحمه الله تعالى سَنَةً فما رايته وَضَعَ جنبه على الارض، وكان اصحابه يَشهدون انّه كان يصلي صلاة الغداة بوُضوء العشاء، وقال شعبة: حسست ابا حنيفة وقت دخول الناس مضاجعهم فخرج من منزله ودخل المسجد واشتغل بالصلاة فلم اقدر على السهر والقيت حصيات في نعليه ورجعت فعند قرب الصبح رجعت فوجدته في مكانه يدعو ويبكي ونظرت نعليه والحصيات باقية، والتفصيل في المطولات، واما الصوم فما ذكر في "الرسالة القشيرية" كان سهل بن عبد الله يفطر في كل خمسة عشر يوما مرة، وفي رمضان الى رؤية الهلال، وكان في كل ليلة يفطر بالماء القراح، وابو تراب البخشي اكل اكلتين من "البصرة" الى "مكة"، وابو عثمان المغربي يقول: الرباني