عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

      اعلم! ان الناظم الفاهم رحمه الله تعالى كان ساكنا بـ"مصر" واسمه "شرف الدين محمد البوصيري" نسبة الى "بوصير" قرية من قرى "مصر"، وكان قدس الله سره عالما بالعلوم العربية، فصيحا في غاية الفصاحة، وبليغا في نهاية البلاغة، بل لا يوجد له مثل ولا نظير، في الفصاحة والبلاغة في الجمّ الغفير، وكان قدس سره في بداية عمره من مقربي السلاطين مقبولا عندهم ومرغوبا فيما بينهم، وكان يصفهم بالابيات والاشعار الفصيحة، ويهجو اعداءهم بالاوصاف الفظيعة، وكان قد جاء يوما من عند احد السلاطين الى بيته، فدخل السكة، فصادف شيخا مليحا، فقال الشيخ له: ا انت رايت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الليلة في المنام؟ قال البوصيري: اني لم ار النبي في تلك الليلة لكن امتلا قلبي من ذلك الكلام بعشقه ومحبته عليه الصلاة والسلام فجئت الى بيتي فنمت، فاذا انا رايت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مع الاصحاب كالشمس بين النجوم فانتبهت، وقد ملئ قلبي بالمحبة والسرور، ولم يفارق بعد ذلك من قلبي محبة ذلك النور، انشدت في مدحه قصائد كثيرة كـ "المضرية والهمزية"، ثم قال الامام: اصابني خلط فالج فابطل نصفي، وقطعني عن الحركة، ففكرت ان اعمل قصيدة مشتملة على مدائح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، واسْتشفِيَ بها من الله تعالى فانشدت هذه القصيدة، ونمت فرايت النبي عليه الصلاة والسلام في المنام، فقرات عليه عليه السلام هذه القصيدة على التمام، فمسح بيده الكريمة على اعضاء الحقير، فقمت من المنام ملابسا بالعافية من الالام[1]، فخرجت


 



[1]      اعلم أنّ نبيّنا محمّدا صلى الله عليه وسلم دافع البلاء والقحط والمرض والألم، قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: إنّ الله عزوجل قال: ﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ [الأنفال: ٣٣]سبحان الله! أنّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم سبب لدفع البلاء عن الكفار أيضاً وبِالْمُؤمنين رءوفٌ ورحيمٌ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اطلبوا الحوائج إلی ذوي الرحمة من أمتي ترزقوا وفي لفظ: اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي تعيشوا في أکنافهم فإنّ فيهم رحمتي وفي لفظ: اطلبوا الفضل من الرحماء وفي رواية أخری: اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا فی أکنافهم العقيلي والطبراني فی الأوسط باللفظ الأول وابن حبان والخرائطي والقضاعي وأبوالحسن الموصلي والحاکم فی التاريخ بالثاني والعقيلي بالثالث کلّهم عن سعيد الخدري والأخری للحاکم فی المستدرک عن علي المرتضی رضي الله تعالٰی عنه.وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلّم: إنّ لله تعالی عباداً اختصّهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم فی حوائجهم أولئک الاٰمنون من عذاب الله، الطبراني فی الکبير عن ابن عمر رضی الله تعالٰی عنهما بسند حسن.("الفتاوى الرضوية" ٣٠/٣٩٠-٣٩٤).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310