عنوان الكتاب: قصيدة البردة مع شرحها عصيدة الشهدة

من بيتي غدوة، فلقيني الشيخ ابو الرجاء الصَديق لي، فقال لي: يا سيدي! هات قصيدتك التي مدحت بها النبي عليه الصلاة والسلام، والحال انّي لم اكن اعلمت بها احدا من الناس، فقلت: ايّ قصيدة تريد؟ فاني مدحته عليه الصلاة والسلام بقصائد كثيرة، فقال: هي التي اولها:

امِنْ تذكُّر جيْرانٍ بذيْ سَلَمِ            مَزَجت دمْعًا جرى مِنْ مُقْلَةٍ بدمِ

 

فقلت: من اين حفظتها يا ابا الرجاء؟ وما قراتها على احد ممن اليَّ جاء، قال: لقد سمعتها البارحة تنشدها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتمايل ويتحرك استحسانا تحرك الاغصان المثمرة بهبوب نسيم الرياح، فاعطيته اياها، فنشر الخبر بين الناس.

شروط قراءتها:

 ثم اعلم! انه يلزم في قراءتها على الوجه المرضي شروط لتكون مؤثرة فيما قُرات له اولها: التوضؤ، وثانيها: استقبال القبلة، وثالثها: الدقة في تصحيح الفاظها واعرابها، ورابعها: كون القارئ عالما بمعانيها لانّ الدعوات لو لم يكن القارئ عالما بمعانيها لا يكون فيها تاثير كما اشار اليه عَلِي القاري في مقدمة حزبه الاعظم بقوله: ½فعليك بحفظ مَبانِيه والتامّلِ في مَعانِيه¼، وخامسها: قراءتها بالنظم لانّها اوردت منظومة لا منثورة، وسادسها: حفظها، وسابعها: ان يكون القارئ ماذونا بقراءتها من اهلها، وثامنها: قراءتها مع التصلية على النبي عليه السلام لكن يلزم ان تكون التصلية بالصلاة التي صلى بها الامام البوصيري، وهي:

مَولايَ صلّ وسلّم دائما ابدا           على حبيْبكَ خيْر الْخلق كلِّهم

لا بغيرها، والا فلا تكون مؤثرة[1]كما روي ان الامام الغزنوي كان يقرا هذه القصيدة في كل ليلة ليرى النبي عليه الصلاة والسلام في منامه، ولم توفق له الرؤيا فشكا ذلك الى


 



[1]      قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: ولذا أوصی بعض المشايخ أن اللفظ يقرأ کما نقل عن أولياء اﷲ الصالحين قدست أسرارهم و لا يغير اللفظ و إن کان اللحن يفرض نفسه في ظاهر الأمر فإن لهم أسراراً لا نعلمها و البرکة مطروحة فيما نطقت ألسنتهم.     (الزَّمْزَمَةُ القُمْرِيِّة فِی الذَّبِّ عَنِ الْخَمرِيَّة)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

310