مذهب الجمهور والسَّكَّاكِيّ، ونكتة الالتفات عامية وخاصية، فالنكتة العامية: تنشيط القلوب بتغيير الاسلوب، والخاصية: اجراء الصفة المادحة على نفسه، وهي الصب لانّه لو قال: ½اتحسب¼ بصيغة المخاطب لَمَا امكن اجراءها على نفسه، فان قيل: لو قال: ½تحسب¼ لامكن ايضا اجراء الصفة المادحة عليه بان يجعل ½الصب¼ صفة لفاعل ½تحسب¼ اعني تاء الضمير او بدلا منه، قلنا: لا يمكن على هذين التقديرين لانّ الضمير لا يوصف ولا يوصف به كما قال الشاعر:
اضْمَرت فِي الْقَلْب هَوَى شَادنٍ مُشْتغِلٍ بالنَّحوِ لا يُوْصَفُ[1]
وَصَفْت مَا اضْمَرت يَوْما لَه فَقَالَ لِيَ الْمُضْمَر لا يُوْصَفُ
ولانّ الضمير لا يبدل المظهر منه الا اذا كان غائبا، وفيما نحن فيه مخاطب، فان قلت: لا نسلم كون ½الصب¼ صفة مادحة، قلت: انّ ½الصب¼ في الاصل مصدر بمعنى: الاراقة، لكن المراد منه هاهنا العاشق الكامل انما سمي العاشق الكامل به، لانّه يبكي في كل احواله كما قال الشاعر:
وَمَا فِي الْخلْقِ اشْقى مِن مُحب وَانْ وَجد الْهَوَى حلْوَ الْمَذاقِ
تراه باكِيا فِي كُلِّ حالٍ مَخافَةَ فُرقَةٍ او لاشْتيَاقِ
فَيَبكِيْ انْ نَاوْا شَوْقا الَيْهِمْ وَيَبكِيْ انْ دنَوْا خوْفَ الْفِراقِ
و½ان¼ للتاكيد و½الحب¼ مصدر بمعنى ½المحبة¼ و½منكتم¼ من ½الانكتام¼ اي: مستتر وقابل للاستتار، واكَّد هذا الكلام بالاداة، والجملة الاسمية لكون المقام مقام الانكار، و½ما¼ زائدة و½بين¼ ظرف لـ½منكتم¼، و½منسجم¼ صفة موصوف محذوف اي: دمع منسجم، وهو من الانسجام بمعنى الهطل والصب اي: دمع هاطل. و½منه¼ متعلق بـ½منجسم¼، والضمير راجع الى الصب بطريق الاستخدام، لانّ المراد من ½الصب¼ العاشق الكامل، ومن الضمير الراجع اليه العضو المخصوص اعني: العين، كما لايخفى. و½مضطرم¼ معطوف على ½منسجم¼، وهو ايضا صفة موصوف محذوف اي: قلب مضطرم، وهو بمعنى ملتهب ومشتعل، وفي المضطرم استعارة مكنية حيث شبه في الذهن قلب العاشق وهو مذكور فيه بارجاع ضميره اليه بشجرة العود في كونهما قابلين للايقاد