بيتها ضيفا بنت عم ذلك المصاب¼، ولنيران هواها في قلبه اشتعال والتهاب، وما راها منذ سنين، وله من فراقها زفرة وانين، قال الاصمعي: فمضيت الى بنت عمه لاحصل مرام هذا الفتى، وارجو منها بلعل وليت ومتى، وقلت: يا راحة جراحة كل قلب كئيب ارى فيكم حرمة وذماما لكل غريب، فجئت اليكم متشفعا في امر هذا الشاب، فتعطفي عليه باستمالة قلبه المصاب، قالت: صلاحه وفلاحه في فراقنا، وفوزه في الاحتراق بلواعج اشواقنا، فبعد اللَّتيّا[1] والتي قبلت انجاح مُنْيَتيْ، فذهبت الى ذلك الشاب، وقلت: استعد لمشاهدة المحبوب، وكن مراقبا لمواصلة المطلوب، فبينا ذلك هاج الغبار من جانب المحبوب، فغشي عليه، ووقع في النار التي كانت بين يديه، فاحترق بعض اعضائه، فمشيت الى الحبيبة، وحكيت لها الحال، فقالت: يا سليم القلب انه لا يطيق مشاهدة غبار نِعَالنا، فكيف يطيق مشاهدة انوار جمالنا، كذا ذكره "الشيخ زاده" لكن لا بعين عبارتنا، وقال الشارح "الشَبراخيْتي": وحكي ايضا انّ الاصمعي في اثناء طوافه في هذه القبيلة راى حجرا قد كتبت عليه هذا البيت:
ايَا مَعْشَر الْعُشَّاقِ باللهِ اخبروْا اذا اشْتد عِشْقٌ بالْفَتى كَيْفَ يَصْنَعُ
فكتب الاصمعي على الحجر تحت هذا البيت بيتا وهو:
يُداريْ هَوَاه ثمَّ يَكْتمُ سِره |
| وَيَصِيْر فِي كُلِّ الامُوْر وَيَخشَعُ |
فلما جاء الاصمعي راى مكتوبا بعد بيته هذا البيت:
فَكَيْفَ يُداريْ، وَالْهَوَى قَاتلُ الْفَتى وَفِي كُلِّ يَوْمٍ روْحه يَتقَطَّعُ
فكتب الاصمعي تحته هذا البيت:
اذا لَمْ يُطِقْ صَبرا وَكَتما لِسِره فَلَيْسَ لَه شَيْءٌ سِوَى الْمَوْت انْفَعُ
فلما جاء الاصمعي في اليوم الثالث راى شابا واضعا راسه على الحجر ميتا
وقد كتب على الحجر هذا البيت:
سَمِعْنَا اطَعْنَا ثمَّ مُتنَا فَبلِّغُوْا سَلامِيْ الَى مَنْ كَانَ لِلْوَصْلِ يَمْنَعُ
وقد ذكر هذه الحكاية "قره باغي" في محاضراته ايضا، و½معذرة¼ مصدر من العذر منصوب بفعل مقدر اي: اقْبلْ بصيغة الخطاب او اعذر و½مني¼ متعلق به، و½اليك¼ صلة