عنوان الكتاب: مجموعة الرسائل

قال: لأَنِّي قد بَقِيتُ إلى هذا، وَما سَجَدتُ إلاَّ في غَفلَةٍ، وَلا رَفَعتُ رَأسِي إلاَّ في غَفلَةٍ، وها أنا أَمُوتُ عَلى الغَفلَةِ، ثُمَّ إنَّه تنَفَّس الصُّعَداءَ، وأَنشَدَ يَقُولُ:

تفكرت في حشري ويوم قيامتي

وإصباح خدي في المقابر ثاويا

فريداً وحيداً بعد عزٍّ ورفعة

رهيناً بجرمي والتراب وساديا

تفكّرت في طول الحساب وعرضه

وذلّ مقامي حين أعطى كتابيا

ولكن رجائي فيك خالقي

بأنَّك تغفر يا إلهي خطائيا[1].

 

يدخل النار باكيا

أيها المسلمون! كَم فيها مِن عِبرةٍ لِمَن اعتَبَر! ولنَنظُر إلى عِبادِ الله الصَّالِحِين الَّذِين يَذكُرُون اللهَ في كُلِّ ساعَةٍ تمُرُّ بهم ثُمَّ لا يَكتَرِثُون بعِباداتِهم، ويَبكُون خَوفًا مِن التَّدبيرِ الْخَفيِّ، ويا حَسرَةً عَلى الغافِلِين الَّذِينَ لا يَملِكُون شيئًا مِن الْحَسَناتِ ولا يُخلِصُون في عَملِهم ثُمَّ بَعدَ ذلِكَ يدَّعُون العِبادَةَ، بَينَما الأَولِياءُ الصَّالِحُون يَرتَجِفُون ويَبكُون خَوفًا وخَشيةً مِن الله تَعالى بالرَّغمِ مِن كَونِهم مَحفوظِين مِنَ الْوُقوعِ في الْمَعصِيةِ، والغافِلون يتَجرَّؤون عَلى


 



[1] ذكره الغزالي(ت ٥٠٥هـ) في "مكاشفة القلوب"، باب في الغفلة، صـ٢٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

403