شُرْب الْخَمْرِ، ثُمَّ إنِّي اشْتَرَيْتُ جارِيَةً نَفِيْسَةً، ووَقَعَتْ مِنِّي أَحْسَنَ مَوْقعٍ، فوَلَدَتْ لي بنْتًا فشُغِفْتُ بهَا، فلَمَّا تَمَّ لَهَا سَنَتَانِ ماتَتْ، فأَكْمَدَني الْحُزْنُ عَلَيْها، فلَمَّا كانت ليلةُ النِّصْفِ من شَعْبانَ وكانت لَيلة الْجُمُعَةِ بِتُّ ثَمَلاً مِن الْخَمْرِ، ولَم أُصَلِّ صلاةَ العِشَاء، فرَأَيْتُ كأَنَّ أَهْلَ الْقُبُورِ قد خَرَجُوا، وحُشِرَ الْخَلائِقُ وأَنَا مَعَهم، فسَمِعْتُ حِسًّا مِن وَرَائِي، فالْتَفَتُّ فإذا أَنَا بتِنِّينٍ أَعْظَمَ ما يكونُ، أَسْوَدَ أَزْرَقَ قد فَتَحَ فاهُ مُسْرِعًا نَحْوِي، فمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ هاربًا فزعًا مَرْعُوبًا، فمَرَرْتُ في طَريقِي، فإذا أَنَا بشيخٍ نَقِيِّ الثِّيَاب، طَيِّبِ الرَّائِحَةِ، فسَلَّمْتُ عليه فرَدَّ عليَّ السَّلامَ، فقُلْتُ له: أَجِرْنِي وأَغِثْنِي، فقالَ: أَنا ضَعِيفٌ، وهذا أَقْوَى مِنِّي، وأَنَا ما أَقْدِرُ عليه، ولكن مُرْ وأَسْرِعْ، فلَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُسَبِّبَ لكَ مَنْ يُنْجِيك منه، فوَلَّيْتُ هارِبًا على وَجْهِي فصَعِدْتُ عَلَى شَرَفٍ مِنْ شُرَفِ الْقِيَامةِ، فأَشْرَفْتُ على طَبَقَاتِ النِّيْرَانِ، فنَظَرْتُ إلى أَهْوَالِهَا وكِدْت أَهْوي فيها من فزعي مِن التِّنِّينِ الَّذِي في طَلَبِي، فصَاحَ بِي صائِحٌ: اِرْجِعْ فلَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا، فاطْمَأْنَنْتُ إلى قولِه، ورَجَعْتُ ورَجَعَ تِنِّينٌ في طَلَبِي