خَرَجَ الرَّسُوْلُ الْكَرِيْمُ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم وصَاحِبُه الصِّدِّيْقُ رضي الله تعالى عنه لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ إلى غَارِ ثَوْرٍ، وقد ذَكَرَ الله تبارك وتعالى في كِتَابِه الْكَرِيْمِ حَالَ الصِّدِّيْقِ رضي الله تعالى عنه، وَالْحَبِيْبِ الْمُصْطَفَى صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم في غَارِ ثَوْرٍ: ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ [التوبة: 9/40].
وقدْ خَلَقَ اللهُ عزّ وجلّ لَهُمَا الأَسْبَابَ الظَّاهِرِيَّةَ، فقدْ رُوِيَ أنَّ النَّبِيَّ الكريمَ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم لَمَّا دَخَلَ الْغَارَ، وأبُوْ بَكْرٍ معَهُ أَنْبَتَ اللهُ على بَابِه الرَّاءَةَ، وهي شَجَرَةٌ مَعْرُوْفَةٌ بـ"أُمِّ غَيْلاَنَ"، فحَجَبَتْ عَنِ الْغَارِ أَعْيُنُ الْكُفَّارِ، وأَمَرَ اللهُ عزّ وجلّ الْعَنْكَبُوْتَ، فنَسَجَتْ على بابِ الْغَارِ فسَتَرَتْه، وأَرْسَلَ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ، فوَقَفَتَا على وَجْهِ الْغَارِ، وعَشَّشَتا على بَابِه فكان ذلك مِمَّا صَدَّ الْمُشْرِكِيْنَ عن دُخُوْلِ الْغَارِ، وقد وَرَدَ أنَّ حَمَامَ الْحَرَمِ مِنْ نَسْلِ تِلْكَ الْحَمَامَتَيْنِ جَزَاءً وِفَاقًا لِحِمَايَةِ رَسُوْلِ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم وصَاحِبِه الصِّدِّيْقِ رضي الله عنه فجُوْزِيَا بالنَّسْلِ والحِمَايَةِ في الْحَرَمِ، فلا يَتَعَرَّضْ له أَحَدٌ.