عنوان الكتاب: مجموعة الرسائل

بالسُّنَّةِ وجهودَهُم في الدعوة إلى الله أَفْضَلُ مِن الصَّمْتِ لكِنَّ تَنْبِيْهَ ذلكَ الْعَالِمِ سَيِّدَنَا عُمَرَ بْنَ عبد الْعَزِيْزِ بقولِهِ: فكَيْفَ بفِتْنَةِ الْمَنْطِقِ؟ كان صَحِيْحًا في مَكَانه، وقَدْ بَكَى بُكَاءً شَدِيْدًا؛ لأنّه فهمَ أَعْمَاقَ كلامِه.

حقًّا الكلامُ الطَّيِّبُ هو النّافِعُ لِلْخَلْقِ، ولكِنّ مُتَكَلِّمَه يُخشَى عليهِ خَطَرُ الْفِتَنِ كَما إذا كانَ الدَّاعِي فصِيْحًا وبَلِيْغًا يَتَكلّمُ بِطَلاَقَةٍ فيُمكِنُه أن يَقَعَ في الفتنةِ لِمَدْحِ النَّاسِ إيّاه، أوْ من أجْلِ خُيَلائِهِ على أَهْلِيَّتِهِ وتفضيلِ نَفْسهِ على الآخَرِينَ، واحْتِقَارِه إيّاهُمْ، ومُحاوَلةِ إقْنَاعِهِ هؤلاءِ بأَنَّه ذُو عِلْمٍ فوقَهُمْ لِهَوَى النَّفْسِ، أوْ لاسْتِخْدَامِهِ التَّعْبيراتِ الْمُتَنَاسِقَةَ والْجُمَلَ البليغةَ لِيَمْدَحَه النَّاسُ وكذلك مَنْ صَوْتُه جميلٌ ربّما يَقَعُ في الْخَطَرِ؛ إذ يَمْدَحُه النَّاسُ، فيَظُنُّ أَنّ صَوتَه الجميلَ مِن خَوَاصِّه فيَتَكَبَّرُ ويَنْسَى أَنّه مِنْحَةُ الله تعالى عليهِ فتَنْبيْهُ ذلك العالِمِ الرَّبَّانِيِّ حَوْلَ فِتْنَةِ الْمَنْطِقِ حقٌّ، ومَن يَتَّصِفُ مِن الدُّعَاةِ بالصِّفَاتِ الْمَذْمُومةِ الْمَذْكُوْرَةِ فكَلاَمُه فِتْنَةٌ كَبِيْرةٌ لَهُ، وسَبَبٌ لِلْهَلاَكِ في الآخِرَةِ ولَوِ انْتَفَعَ الْخَلْقُ بكلامِه.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

403