"والله أقول! والحقّ أقول: إنّه لو رآها أبو حنيفة النعمان -رحمه الله تعالى- لأقرّت عينه، ولجعل مؤلّفها من جملة الأصحاب".
ومنها: "جدّ الممتار" على "ردّ المحتار" بخمس مجلّدات، هذا الكتاب من مآثره التاريخيّة العظيمة، ومن درر الفقه الغالية يفتخر بها الفقه الإسلامي، وحقّ له الافتخار؛ فإنّه لم يظهر كتاب إلى الآن على "ردّ المحتار" مثل هذا الكتاب، ولا شكّ أنّ هذا كتاب جليل ومعجب عظيم يوضح "ردّ المحتار" الشهير بـ"حاشية ابن عابدين" توضيحاً جميلاً، ويكشف عن عباراته العويصة، ويحلّ مواضعه المغلقة، ويتدفّق بالبحوث الوجيزة النادرة والتحقيقات العجيبة الأنيقة، أحياناً يقدّم بحوثاً معجبة وأخرى ينقّد "ردّ المحتار" نقداً عادلاً، ويعرض المسائل الخلافية فيوفّق بينها، كأنّه لم يكن خلاف، ويأتي مواضع تردّد فيها الترجيح والتصحيح، فيرجّح بعضها بالنصوص الصريحة والدلائل القويّة، كأنّه لم يكن لغير ذلك حقّ ترجيح وتصحيح، ويلمع من خلال البحوث توقّد ذهن المصنّف وبريق فكره وتبحّر علمه وسعة اطّلاعه على المسائل الفقهيّة، كأنّها نصب عينيه، وتتبيّن قوّة التمييز والترجيح واستخراج الصحيح من بين الأقوال المختلفة وإيضاح المسألة بالدلائل القويّة الجليّة، فلهذا كلّما جرى قلمه السيّال في ميدان البحث والتحقيق لم يكد يقف على شيء حتّى أتى بما له وما عليه.
تصانيف الإمام
وتصانيف الإمام أحمد رضا كلّها عظيمة الجدوى، كثيرة المنافع، جمّة الفوائد، غزيرة المعارف، غاية القيم، ممتلئة بالبحوث المفيدة، ذافرة التحقيقات العجيبة، متدفّقة المواد النادرة، حاوية المسائل الجديدة، الدالّة على علمه العظيم وعقله الكبير ومقتدرته الهائلة ومواهبه الكبرى، ولم يختر الإمام موضوعاً إلاّ أنهاه إلى حدّ لم يدع مجالاً لمزيد التحرير، كما سيأتي من الشيخ عبد الله بن محمّد صدقة بن زيني دحلان الجيلانيّ المكّي.
وأحببنا أن نذكر بعض كتب الإمام التي ألّفها بالعربيّة أصلاً:
١- "أجلى الإعلام أنّ الفتوى مطلقاً على قول الإمام".
٢- "الإجازات المتينة لعلماء بكّة والمدينة".
٣- "شمائم العنبر في أدب النداء أمام المنبر".
٤- "كفل الفقيه الفاهم في أحكام قرطاس الدراهم".