أزواجه بعده؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما اعتكف العشر الأوسط أتاه جبريل عليه السلام فقال: ½إن الذي تطلب أمامك¼ يعني ليلة القدر فاعتكف العشر الأخير وعلى هذا ذهب([1]) الأكثر إلى أن ليلة القدر في العشر الأخير من رمضان فمنهم من قال في ليلة إحدى وعشرين ومنهم في سبع وعشرين وفي الصحيح: ½التمسوها في العشر الأواخر¼، والتمسوها في كل وتر وعن أبي حنيفة أنها في رمضان ولا يدري أي ليلة هي وقد تتقدم وقد تتأخر وعندهما كذلك إلا أنها معينة لا تتقدم ولا تتأخر والمشهور عن الإمام أنها تدور في السنة كما قدمناه في إحياء الليالي وذكرت هنا طلبا لزيادة الثواب وقيل في أول ليلة من رمضان وقيل ليلة تسع وعشرين وقال زيد بن ثابت ليلة أربع وعشرين وقال عكرمة ليلة خمس وعشرين . وأجاب أبو حنيفة عن الأدلة المفيدة لكونها في العشر الأواخر بأن المراد في ذلك الرمضان الذي التمسها عليه السلام فيه ومن علامتها أنها بلجة ساكنة لا حارة ولا قارة([2])، تطلع الشمس صبيحتها بلا شعاع كأنها طشت وإنما أخفيت ليجتهد في طلبها فينال بذلك أجر المجتهد في العبادة كما أخفى الله سبحانه وتعالى الساعة ليكونوا على وجل من قيامها بغتة والله سبحانه وتعالى أعلم (و) القسم الثالث (مستحب فيما سواه([3])) أي: في أي وقت شاء سوى العشر الأخير ولم يكن منذوراً (والصوم شرط لصحة) الاعتكاف (المنذور) ولا نذر إلا بالنطق؛ لأنه من متعلقات اللسان([4])، بخلاف النية فإن محلها القلب (فقط) وليس شـرطاً في الـنفل لـقوله صلى الله عليه وسلم: ½ليس على المعـتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه¼ ومبنى الـنفل على
[1] قوله: [وعلى هذا ذهب] أي: من قول جبريل عليه السلام، أي: لأجله. ط. ١٢
[2] قوله: [ولا قارة] أي: باردة بل متوسطة. ط. ١٢
[3] قوله: [مستحب فيما سواه] يعني ما يقابل السنة المؤكدة وهو اعتكاف العشر الأواخر. ١٢
[4] قوله: [متعلقات اللسان] أي: لأن النذر مما يتعلق باللسان، أي: ينطقه فلا يتحقق إلا به. ط قال ابن عابدين: لهذا لو أراد رجل أن يقول لله عليّ صوم يوم فجرى على لسانه صوم شهر كان عليه صوم شهر، وكذا لو أراد أن يقول كلاما فجرى على لسانه النذر لزمه لأن هزل النذر كالجد كالطلاق. "رد المحتار"، ٦/٣٨٨ بتصرف. ١٢