والماء القليل إذا شرب منه حيوان يكون على أربعة أقسام ويسمى ½سؤراً¼، الأول طاهر مطهّر وهو ما شرب منه آدمي أو فرس أو ما يؤكل لحمه والثاني نجس لا يجوز استعماله وهو ما شرب منه الكلب أو الخنزير أو شيء من سباع البهائم
(فصل): في بيان أحكام السؤر (والماء القليل) الذي بيَّنـَّا قدره بدون عشر في عشر ولم يكن جارياً (إذا شرب منه حيوان يكون على) أحد (أربعة أقسام و) ما أبقاه بعد شربه (يسمى سؤراً) بهمز عينه([1]) ويستعار الاسم([2]) لبقية الطعام والجمع ½أسآر¼ والفعل: ½أسأر¼ أي: أبقى شيئا مما شربه, والنعت منه سآر على غير قياس؛ لأن قياسه مسئر ونظيره أجبره فهو جَبَّارٌ (الأول) من الأقسام: سؤر (طاهر مطهر) بالاتفاق من غير كراهة في استعماله (وهوما شرب منه آدمي) ليس بفمه نجاسة لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ½كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيضع فاه على موضع فيّ¼ ولا فرق بين الكبير والصغير والمسلم والكافر والحائض والجنب, وإذا تنَجَّس فمه فشرب الماء من فوره تنجّس, وإن كان بعد ما تردّد البزّاق في فمه مرات وألقاه أو ابتلعه قبل الشُّرب فلا يكون سؤره نجساً عند أبي حنيفة وأبي يوسف لكنّه مكروه لقول محمد بعدم طهارة النجاسة بالبُزَّاق عنده (أو) شرب منه (فرس) فإنّ سؤر الفرس طاهر بالاتفاق([3]) على الصحيح من غير كراهة (أو) شرب منه (ما) بمعنى حيوان (يؤكل لحمه) كالإبل والبقر والغنم ولا كراهة في سؤرها إن لم تكن جلالة تأكل الجلَّة بالفتح وهي في الأصل البعرة, وقد يُكَنّى بها عن العَذِرة([4]) فإن كانت جلالة فسؤرها من القسم الثالث مكروه (و) القسم (الثاني): سؤر (نجس) نجاسة غليظة وقيل خفيفة (لا يجوز استعماله) أي: لا يصحّ التطهير به بحال ولا يشربه إلا مضطر كالميتة (وهو): أي: السؤر النَّجس (ما شرب منه الكلب) سواء فيه كلب صيد وماشية وغيره لما روى الدار قطني عن أبي هريرة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في الكلب يلغ في الإناء أنّه يغسل ثلاثًا أو خمساً أو سبعاً (أو) شرب منه الخنزير لنجاسة عينه لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ ﴾[الأنعام: ١٤٥] (أو) شرب منه (شيء) بمعنى حيوان (من سباع البهائم) احترز به عن سباع الطير, وسيأتي حكمها, والسَّبْع حيوان مختطف منتهب عاد عادة
[1] قوله: [بهمز عينه] أي: لفظ السؤر بالهمزة، أمّا السور بدون همزة فهو البناء المحيط بالبلد.
[2] قوله: [ويستعار الاسم] أي: ويطلق لفظ سؤر.
[3] قوله: [طاهر بالاتفاق] أمّا عندهما فطاهر؛ لأنه مأكول عندهما، وأمّا عند الإمام فلأنّ لعابه متولد من لحمه وهو طاهر وحرمته للتكريم لكونه آلة الجهاد فصارت حرمته كحرمة لحم الآدمي، ألا ترى أنّ لبنه حلال بالإجماع. ط
[4] قوله: [العذرة] العذرة: غائط الإنسان.