عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

 

بطن عرنة([1])، ويغتسل بعد الزوال في عرفات للوقوف ويقف بقرب جبل الرحمة مستقبلا مكبرا مهللا ملبيا داعيا مادا يديه كالمستطعم ويجتهد في الدعاء لنفسه ووالديه وإخوانه ويجتهد على أن يخرج من عينيه قطرات من الدمع فإنه دليل القبول ويلح في الدعاء مع قوة رجاء الإجابة ولا يقصر في هذا اليوم إذ لا يمكنه تداركه سيما إذا كان من الآفاق والوقوف على الراحلة أفضل والقائم على الأرض أفضل من القاعد فإذا غربت الشمس أفاض الإمام والناس معه على هينتهم وإذا وجد فرجة يسرع من غير أن يؤذي أحدا ويتحرز عما يفعله الجهلة من الاشتداد في السير والازدحام والإيذاء فإنه حرام حتى يأتي مزدلفة([2]) فينزل بقرب جبل قزح ويرتفع عن بطن الوادي توسعة للمارين ويصلي بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامة واحدة ولو تطوع بينهما أو تشاغل أعاد الإقامة ولم تجز المغرب في طريق المزدلفة وعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر ويسن المبيت بالمزدلفة فإذا طلع الفجر صلى الإمام بالناس الفجر بغلس ثم يقف والناس معه والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسّر ويقف مجتهدا في دعائه ويدعو الله أن يتم مراده وسؤاله في هذا الموقف كما أتمه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإذا أسفر جدا أفاض الإمام والناس قبل طلوع الشمس فيأتي إلى منى وينزل بها ثم يأتي جمرة العقبة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات مثل حصى الخزف ويستحب أخذ الجمار من المزدلفة أو من الطريق ويكره من الذي عند الجمرة ويكره الرمي من أعلى العقبة لإيذائه الناس ويلتقطها التقاطا ولا يكسر حجرا جمارا ويغسلها ليتيقن طهارتها فإنها يقام بها قربة ولو رمى بنجسة أجزأه وكره ويقطع التلبية مع أول حصاة يرميها . وكيفية الرمي أن يأخذ الحصاة بطرف إبهامه وسبابته في الأصح؛ لأنه أيسر وأكثر إهانة للشيطان والمسنون الرمي باليد اليمنى ويضع الحصاة على ظهر إبهامه ويستعين بالمسبحة ويكون بين الرامي وموضع السقوط خمسة أذرع ولو وقعت على ظهر رجل أو محل وثبتت أعادها وإن سقطت على سننها ذلك أجزأه وكبر بكل حصاة ثم يذبح المفرد بالحج إن أحبه ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ويكفي فيه ربع الرأس والتقصير أن يأخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة وقد حل له كل شيء إلا النساء ثم يأتي مكة من يومه ذلك


 



[1]       قوله: [بطن عرنة] وهو واد بحذاء عرفات عن يسار الموقف وقد رأى صلى الله تعالى عليه وسلم: الشيطان فيه وأمر أن لا يقف فيه أحد. ط. ١٢

[2]       قوله: [حتى يأتي مزدلفة] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن نقلا عن اللباب: الوقوف بها واجب وأول وقته طلوع الفجر الثاني من يوم النحر وآخره طلوع الشمس منه، فمن وقف بها قبل طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس لا يعتد به، وقدر الواجب منه ساعة وركنه فكينونته بمزدلفة بفعل نفسه أو غيره، نواه أو لم ينو علم بها أو لم يعلم ولو ترك الوقوف بها فدفع ليلا فعليه دم إلا إذا كان لمرض أو ضعف بينة من كبر أو صغر أو يكون امرأة تخاف الزحام فلا شيء عليه. ١٢ ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ١٠/٦٦٨)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396