عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

باب ما يلزم الوفاء به

إذا نذر شيئا لزمه الوفاء به إذا اجتمع فيه ثلاثة شروط أن يكون من جنسه واجب وأن يكون مقصودا

باب ما يلزم الوفاء به: من منذور الصوم والصلاة وغيرهما : (إذا نذر شيئا) من القربات (لزمه الوفاء به([1])) لقوله تعالى: ﴿ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ﴾[الحج: ٢٩] وقوله صلى الله عليه وسلم: ½من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه¼ رواه البخاري والإجماع على وجوب الإيفاء به وبه استدل القائلون بافتراضه ونذر من باب ضرب وفي لغة قتل والمنذور يلزمه (إذا اجتمع فيه) أي المنذور (ثلاثة شروط) أحدها (أن يكون من جنسه واجب) بأصله وإن حرم ارتكابه لوصفه كصوم يوم النحر (و) الثاني (أن يكون مقصودا) لذاته لا لغـيـره كالـوضوء


 



[1]       قوله: [إذا نذر شيئا من القربات لزمه الوفاء به] فإن قلت: النذر لمخلوق لا يجوز لأنه عبادة فأجاب عنه الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن بأنّ القرآن الكريم إنما أمر بوفا النذر ﴿ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ﴾[الحج: ٢٩] ولا يلزم منه كونه عبادة كما أمر بوفاء العهد ﴿ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡ‍ُٔولٗ﴾[الإسراء: ٣٤] وبإيفاء العقد ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِ ﴾[المائدة: ١] ولم يلزم منه أن يكون كل عهد وعقد عبادة وكيف يكون النذر عبادة ؟ فإن قلت: إذا كان المنذور له ميتاً لا يجوز له النذر فأجاب عنه الإمام بأن هذا يختصّ بأن يقول (الناذر) للميت: ½لك كذا¼ ويريد به تمليكه حقيقةً, ولا ألفاظهم منحصرة في هذه ولا اعتقاداتهم في تمليك الميت فكيف يحكم على عامّ بخاصّ؟ علا أنه إن كان في هذا الخصوص فبطلان النذر، لا حرمة ما أتي به من الدراهم وغيرها فإنهم يعلمون قطعاً أنّ خدام المزار يأخذونها والمعطون بذاك راضون، فمن أي جهة جاء التحريم والله يقول الحق ويهدي السبيل. وبعض الفرق الضالة يظنون أنّ أهل السنة والجماعة يعتقدون أن أولياء الله عزوجل يتصرّفون في الأمور دون الله تعالى, فأجاب عنه الإمام بأنّ هذا سوء ظن بالمسلم وهو باطل وحرام وبأيّ وجه علم بل ظن بل توهم أنّ المسلمين يعتقدون أن المتصرّف هو الميت دون الله تعالى ؟ ورضي الله تعالى عن سيدي عبد الغني النابلسي فقد أوضح في ½الحديقة الندية¼ عن هذه المسئلة اللبس وأزاح كل ظن باطل وتخمين وحدس فراجعه فإنه مهمّ. وقال: إن النذور للأولياء بعد تجافيهم عن الدنيا كالنذور لهم وهم فيها وهي شائعة بين المسلمين والعلماء والصلحاء والأولياء منذ قديم وليس نذراً مصطلح الفقه, ("جد الممتار"٣/٢٨٥-٢٨٣ملخصاً) وقال الإمام في ½السَنيّةُ الأنيقة في فتاوى أفريقه¼: ما يقدم إلى الأولياء الكرام ويسمى بالنذر ليس بنذر فقهي, بل العرف جار بأنّ ما يقدم إلى حضرات الأكابر من الهدايا يسمّونه بالنذر وهونذر عرفي. وكتب الشاه رفيع الدين أخو الشاه عبدالعزيز المحدث الدهلوي في ½رسالة النذور بالفارسية ما معناه: النذر الذي يطلق هنا ليس على المعنى الشرعي لأن العرف جار بأنّ ما يقدّم إلى الأولياء يسمى بالنذر, فهذا يجلّى الفرق بين النذر الفقهي ونذر الأولياء العرفي، فالنذر الفقهي لا يجوز إلا لله تعالى، والنذر العرفي الذي أصله تقديم الهدية إلى الأكابر يجوز للصالحين والأولياء بعد وفاتهم أيضاً كما يجوز في حياتهم. ١٢ ("السَنيّةُ الأنيقة في فتاوى أفريقه", صـ ٧٧-٨٧)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396