لا يجوز كشف العورة للاستنجاء وإن تجاوزت النجاسة مخرجها وزاد المتجاوز على قدر الدرهم لا تصح معه الصلاة إذا وجد ما يزيله ويحتال لإزالته من غير كشف العورة عند من يراه ويكره الاستنجاء بعظم وطعام لآدمي أو بهيمة وآجر وخزف وفحم وزجاج وجص وشيء محترم كخرقة ديباج وقطن وباليد اليمنى إلا من عذر, ويدخل الخلاء برجله اليسرى ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل دخوله
(فصل) فيما يجوز به الاستنجاء وما يكره به وما يكره فعله (لا يجوز كشف العورة للاستنجاء) لحرمته والفسق به فلا يرتكبه لإقامة السنّة([1])، ويمسح المخرج من تحت الثياب بنحو حجر وإن تركه صحّت الصلاة بدونه (وإن تجاوزت النجاسة مخرجها وزاد المتجاوز) بانفراده (على قدر الدرهم) وَزْناً في المتجسّدة ومساحة في المائعة (لا تصحّ معه الصلاة) لزيادته على القدر المعفوّ عنه (إذا وجد ما يزيله) من مائع أو ماء (ويحتال لإزالته من غير كشف العورة عند من يراه) تحرُّزاً عن ارتكاب المحرَّم بالقدر الممكن وأمّا إذا لم يزد إلا بالضمّ لما في المخرج فلا يضرّ تركه؛ لأنّ ما في المخرج ساقط الاعتبار (ويكره الاستنجاء بعظم) وروث لقوله عليه الصلاة والسلام: ½لا تستنجوا بالرَوث ولا بالعظام فإنّهما زاد إخوانكم من الجنّ¼ فإذا وجدوهما صار العظم كأن لم يؤكل فيأكلونه وصار الروث شعيراً وتِبْناً لدوابهم معجزة للنّبي صلّى الله عليه وسلّم والنهي يقتضي كراهة التحريم (وطعام لآدمي أو بهيمة) للإهانة والإسراف وقد نهى عنه عليه الصلاة والسلام (وآجُرٍّ) بمدّ الهمزة وضمّ الجيم وتشديد الراء المهملة فارسي معرَّب وهو الطوب بلغة أهل مصر ويقال له آجور على وزن فاعول اللَّبِنُ المحَرَّقُ فلا ينقي المحل ويؤذيه فيكره (وخزف) صغار الحصى فلا ينقي ويُلَوِّثُ اليد (وفحم) لتلويثه (وزجاج وجصّ)؛ لأنّه يضرّ المحل (وشيء محترم) لتقوُّمه (كخرقة ديباج وقطن) لإتلاف المالية والاستنجاء بها يورث الفقر (و) يكره الاستنجاء (باليد اليمنى) لقوله صلى الله عليه وسلم: ½إذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه وإذا أتي الخلاء فلا يتمسّح بيمينه وإذا شرب فلا يشرب نفساً واحداً¼ (إلا من عذر) باليسرى فيستنجي بصبّ خادم أو من ماء جار (ويدخل الخلاء) ممدودا المتوضأ, والمراد بيت التغوُّط (برجله اليسرى) ابتداء مستور الرأس استحباباً تكرمة لليمنى؛ لأنّه مستقذر يحضره الشيطان (و) لهذا (يستعيذ) أي: يعتصم (بالله من الشيطان الرجيم قبل دخوله) وقبل كشف عورته
[1] قوله: [لإقامة السنّة]؛ لأنّ درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح غالباً واعتناء الشرع بالمنهيات أشدّ من اعتنائه بالمأمورات, ولذا قال عليه الصلاة والسلام: ½ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه مااستطعتم¼، أخرجه مسلم في الفضائل، باب: توقيره صلّى الله تعالى عليه وسلّم، "صحيح مسلم"، صـ١٢٨٢، و"مسند أحمد"، ٣/١٩٠.