عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

وتسليم النفس إلى المولى وملازمة عبادته في بيته والتحصن بحصنه وقال عطاء رحمه الله مثل المعتكف مثل رجل يختلف على باب عظيم لحاجة فالمعتكف يقول لا أبرح حتى يغفر لي.

بشغله بالإقبال على العبادة متجردا لها (وتسليم النفس إلى المولى) بتفويض أمرها إلى عزيز جنابه والاعتماد على كرمه والوقوف ببابه (وملازمة عبادته) والتقرب إليه ليقرب من رحمته كما أشار إليه في حديث: ½من تقرب إليّ¼ وملازمة القرار (في بيته) سبحانه وتعالى واللائق بمالك المنزل إكرام نزيله تفضلا ورحمة وإحسانا منه ومنة للالتجاء إليه (والتحصن بحصنه) فلا يصل إليه عدوه بكيده وقهره لقوة سلطان الله وقهره وعزيز تأييده ونصره ترى الرعايا يحبسون أنفسهم على باب سلطانهم وهو فرد منهم ويجهدون في خدمته والقيام أذلة بين يديه لقضاء مآربهم فيعطف عليهم بإحسانه ويحميهم من عدوهم بعزة قدرته وقوة سلطانه وقد نبهه على حصول المراد وأزال حجاب الوهم وأماط الغطاء وأظهر الحق بفيض العطاء بما أشار إليه بقوله (وقال) الأستاذ العارف بالله تعالى الإمام المجتهد (عطاء) بن أبي رباح التابعي تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما أحد مشايخ الإمام الأعظم رحمه الله تعالى قال أبو حنيفة ما رأيت أفقه من حماد ولا أجمع للعلوم من عطاء بن أبي رباح أكثر رواية الإمام الأعظم أبي حنيفة عن عطاء سمع ابن عباس وابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد وجابرا وعائشة رضي الله عنهم توفي سنة خمس عشرة ومائة وهو ابن ثمانين سنة كذا في أعلام الأخبار قال رحمه الله تعالى ونفعنا ببركته ومدده (مثل المعتكف مثل رجل يختلف) أي: يتردد ويقف (على باب) ملك أو وزير عظيم أو إمام (عظيم لحاجة) يقدر على قضائها عادة (فالمعتكف يقول) لسان حاله إن لم ينطق بذلك لسان قاله (لا أبرح) قائما بباب مولاي سائلا منه جميع مآربي وكشف ما نزل بي من الكرب وصار مصاحبي وتجنبي  لذلك أعز إخواني بل عين قرائبي (حتى يغفر لي) ذنوبي التي هي سبب بعدي ونزول مصائبي ثم يفيض بمنته علي بما يليق بأهليته وكرمه إكرام من التجأ إلى منيع حرزه وحماية حرمه وهذه إشارة إلى أن العبد الجامع لهذه المسائل واقف موقف العبد الذليل بباب مولاه عاريا من الأعمال ونسبة الفضائل متوجها إليه سبحانه بأعظم الوسائل مادا أكف الافتقار ملحا بالدعاء والمسائل مطرحا على أعتاب باب الله تعالى مرتجيا شفاعته غدا عنده بما وعد به وهو لكل خير كافل.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396