عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

باب الأذان

سن الأذان

(باب الأذان) لمّا ذكرت الأوقات التي هي أسباب ظاهرة وأعلام على نعمة الله تعالى وإيجابه الغيبي ذكر الأذان الذي هو إعلام بدخولها, وقدَّم السبب على العلامة لقربه, ولأن الأوقات إعلام في حقّ الخواص والأذان إعلام في حقّ العوام, والكلام فيه من جهة ثبوته وتسميته وأفضليته وتفسيره لغة وشريعة وسبب مشروعيته وسببه وشرطه وحكمه وركنه وصفته وكيفيته ومحلّ شرع فيه ووقته وما يطلب من سامعه وما أعدَّ من الثواب لفاعله. فثبوته بالكتاب والسنة, وتسميته أذاناً؛ لأنّه من باب التفعيل . واختلف في أفضليته عندنا الإمامة أفضل منه([1]). ومعناه لغة الإعلام , وشريعة إعلام مخصوص, وسبب مشروعيته مشاورة الصحابة في علامة يعرفون بها وقت الصلاة مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم, وشرع في السنة الأولى من الهجرة, وقيل في الثانية في المدينة المنورة, وسببه دخول الوقت وهو شرط له ومنه كونه باللفظ العربي على الصحيح من عاقل, وشرط كماله كون المؤذِّن صالحاً عالماً بالوقت طاهراً مُتَفقّداً أحوال الناس زاجراً من تخلَّفَ عن الجماعة صيِّتا([2]) بمكان مرتفع مستقبلاً, وحكمه لزوم إجابته بالفعل والقول وركنه الألفاظ المخصوصة, وصفته سنّة مؤكّدة, وكيفيته التَّرسُّل([3])، ووقته أوقات الصلاة ولو قضاء ويطلب من سامعه الإجابة بالقول كالفعل, وسنذكر بيان ألفاظه ومعانيها وثوابه (سنّ الأذان([4])) فليس بواجب


 



([1])    قوله: [الإمامة أفضل منه] لمواظبة النّبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم على الإمامة، وكذا الخلفاء الراشدون من بعده، وقول عمر رضي الله تعالى عنه: لولا الخلافة لأذنت لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة، لا مع تركها فيفيد: أنّ الأفضل كون الإمام هو المؤذّن. ط.

([2])    قوله: [صيتاً] أي: حسن الصوت عالية. ولقوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم: فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذّن به فإنّه أندى صوتاً منك، أخرجه "أبو داود"، كتاب الصلاة، باب كيف الأذان، ١/٢١٠، رقم الحديث٤٩٩.

([3])    قوله: [كيفيته الترسل] الترسل: التأني والتهمل في أدائه. ١٢

([4])    قوله: [سنّ الأذان... إلخ] وقال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: والقدر المتّفق عليه في الأذان أنّها سنّة مؤكّدة لصلاة مكتوبة أدّيت في وقتها في المسجد بجماعة مستحبة أعني جماعة الرجال الأحرار الكاسين. ("جدّ الممتار"، ٢/٧٩)، وقال في الهامش على هذه العبارة اعلم أنّ الأذان والإقامة من سنن الجماعة المستحبة فلا يندبان لجماعة النساء والعبيد والعراة؛ لأنّ جماعتهم غير مشروعة كما في البحر وكذا جماعة المعذورين يوم الجمعة في المصر فإنّ أداءه بهما مكروه كما في الحلبي. من هامش المصنف على ("جدّ الممتار"، ٢/٧٩). وقال في الفتاوى الرضوية: إذا لم يؤذّن في المصر بعض الناس في المكان أو الدكان أو الميدان فلا حرج، قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: ½أذان الحيّ يكفينا¼ هكذا للمسافر ترك الأذان ولكن ترك الإقامة مكروه. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٥/٤٢٦، مترجماً وملخّصاً)، وفي موضع آخر: لا تجوز إعادة الأذان للجماعة الثانية ولا حرج في التكبير (الإقامة). ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٧/١٩٤، ملخّصاً ومترجماً ومزيداً ما بين الهلالين). ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396