عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

قصل: في مكروهات الصلاة

يكره للمصلي سبعة وسبعون شيئا ترك واجب أو سنة عمدا كعبثه بثوبه وبدنه وقلب الحصا إلا للسجود مرة وفرقعة الأصابع وتشبيكها والتخصر والالتفات بعنقه

(فصل) في المكروهات, المكروه ضدّ المحبوب, وما كان النهي فيه ظنيّاً([1]) كراهته تحريميّة إلاّ لصارف وإن لم يكن الدليل نهياً بل كان مفيداً للترك الغير الجازم فهي تنزيهية([2]). والمكروه تنزيهاً إلى الحلّ أقرب, والمكروه تحريماً إلى الحرمة أقرب, وتعاد الصلاة مع كونها صحيحة لترك واجب وجوباً, وتعاد استحباباً بترك غيره, قال في التجنيس كل صلاة أديت مع الكراهة فإنّها تعاد لا على وجه الكراهة, وقوله عليه السلام: ½لا يصلّي بعد صلاة مثلها¼, تأويله النهي عن الإعادة بسبب الوسوسة فلا يتناول الإعادة بسبب الكراهة ذكره صدر الإسلام البزدوي في الجامع الصغير (يكره للمصلي سبعة وسبعون شيئاً) تقريباً لا تحديداً (ترك واجب أو سنّة عمداً) صدر بهذا؛ لأنّه لِما بعده كالأمر الكلي المنطبق على جزئيات كثيرة كترك الاطمئنان في الأركان وكمسابقة الإمام لما فيها من الوعيد على ما في الصحيحين: ½أَمَا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار¼, وكمجاوزة اليدين الأذنين وجعلهما تحت المنكبين وستر القدمين في السجود عمداً للرجال (كعبثه بثوبه وبدنه)؛ لأنّه ينافي الخشوع الذي هو روح الصلاة فكان مكروهاً لقوله تعالى: ﴿ قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ﴾[المؤمنون: ١-٢] وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ½إنّ الله تعالى كره لكم العبث في الصلاة, والرفث في الصيام, والضحك عند المقابر¼, ورأى عليه الصلاة والسلام رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة فقال: ½لو خشع قلبه لخشعت جوارحه¼, والعبث عمل لا فائدة فيه ولا حكمة تقتضيه, والمراد بالعبث هنا فعل ما ليس من أفعال الصلاة؛ لأنّه ينافيها (وقلب الحصى إلاّ للسجود مرة) قال جابر بن عبد الله سألت النّبي صلّى الله عليه وسلّم عن مسح الحصى فقال: ½واحدة ولأنْ تمسك عنها خير لك من مئة ناقة سود الحدق¼, (وفرقعة الأصابع) ولو مرة وهو غمزها أو مدّها حتّى تصوت لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ½لا تفرقع أصابعك وأنت في الصلاة¼, (وتشبيكها) لقول عمر فيه تلك صلاة المغضوب عليهم (والتخصّر)؛ لأنّه نهي عنه في الصلاة, وهو أن يضع يده على خاصرته وهو أشهر وأصحّ تأويلاتها لما فيه من ترك سنّة أخذ اليدين والتشبه بالجبابرة (والالتفات بعنقه) لا بعينه لقول عائشة رضي الله عنها: ½سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن التفات


 



[1]       قوله: [ظنيّاً] أي: شرعاً. ط. ١٢

[2]       قوله: [فهي تنزيهية] كقول عمر رضي الله عنه لمن رآه يصلّي في ثياب البذلة: أرأيت لو كنت أرسلتك إلى بعض الناس أكنت تمرّ في ثيابك هذه؟ فقال: لا، فقال عمر: الله أحقّ أن تتزيّن له. ط.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396